للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسليمانَ بإكرامِه، وقال عبدُ الملك: إنِّي لأهُمُّ بالشيء أفعلُه بأهل المدينة لسُوءِ أثَرِهم عندنا، فأذكُر أبا بكرٍ، فأستحي منه، فأدَعُ ذلك الأمرَ (١).

وكان موتُه فُجاءةً، ويقولون: إنَّه صلّى العصرَ ثم دخل مُغتَسَلَه، فسقطَ، وكان قد كُفَّ بصَرُه، فجعل يقول: والله ما أحدثتُ في صدْر نهاري شيئًا. فما غربتِ الشمسُ حتّى مات، وذلك سنةَ أربع وتسعينَ بالمدينة (٢).

وفي هذه السَّنة توفِّي جماعةٌ منَ الفقهاء: منهم عليُّ بنُ حُسينٍ، وأبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمن، وعروةُ بنُ الزُّبير، وسعيدُ بنُ جُبيرٍ، ذكر هذه الجملةَ من خبرِه الواقديُّ (٣)، والطبريُّ، ومصعبٌ الزُّبيريُّ.

وذكَر الحسنُ الحُلْوانيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ صالح، قال: حدَّثنا الليثُ، قال: حدَّثني يحيى بنُ سعيد، أنّ عروةَ بنَ الزُّبير كان يستودِعُ أبا بكرٍ بنَ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارثِ بنِ هشام، وأنّه استَودعَه عشرينَ ألفَ دينارٍ، فسُرقتْ، فاتَّهم بها أبو بكرٍ بنُ عبدِ الرحمنِ امرأةً منَ العربِ كانت عندَهم، فحذَّرها، واشتدَّ عليها، وخوَّفها، فاعترفَتْ بأنّها أخذَتْها، وأنّها عندَها، وأنّها تؤدِّيها، فأرسل أبو بكرٍ بنُ عبدِ الرحمن إلى مشايخَ من قريشٍ، فأشهَدَهُم على اعترافها، وفيهم القاسمُ بنُ محمّدٍ، وهو يومئذٍ من أحدَثِهم سِنًّا، فخلّى سبيلَها، فلمّا خرجَتْ من داره، وأمِنَتْ، قالت: ما أخذتُ من ذلك قليلًا ولا كثيرًا. فخاصَمَها إلى أبانَ بنِ عثمانَ، وهو أميرُ المدينة، فسأل الشُّهودَ عن شهادَتِهم، فشهِدُوا أنّها اعترفتْ بعشرينَ ألفَ دينار، وأنّها مؤدِّيتُها، فسألهم رجلًا رجلًا حتّى بلغَ القاسمَ بنَ محمّدٍ، فقال: ماذا تشهدُ به يا قاسمُ؟


(١) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٥/ ٢٠٨، وتاريخ دمشق لابن عساكر ٦٦/ ٣٦.
(٢) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٥/ ٢٠٨، وتاريخ دمشق لابن عساكر ٦٦/ ٣٨، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٤/ ٤١٨، وتهذيب الكمال ٣٣/ ١١٧.
(٣) رواها عنه وعن غيره ابن سعد في الطبقات ٥/ ٢٠٧ - ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>