للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: هذه الآيةُ جوابٌ لما سأل عنه قومٌ من الصحابة، فأُجيبوا عن مسألتِهم، كأنّهم يقولون: إنَّ معنى الآية: قُلْ: لا أجِدُ فيما أُوحيَ إليَّ ممّا ذَكَرْتم. أو: ممّا كنتم تأكلون. ونحوَ هذا قال طاووسٌ، ومجاهدٌ، وقتادةُ، وتابَعهم قومٌ. واستدلُّوا على صحَّةِ ذلك بأنَّ اللَّهَ قد حرَّم في كتابِه وعلى لسانِ رسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشياءَ لم تُذكَرْ في الآية، لا يَختِلفُ المسلمون في ذلك.

ذكَر سُنيدٌ، عن حجّاج، عن ابنِ جُريج، قال: أخبَرني إبراهيمُ بنُ أبي بكر، أنَّ مجاهدًا أخبرَه في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}. قال: ما كان أهلُ الجاهليّةِ يأكلون، لا أجِدُ من ذلك محُرَّمًا على طاعم يَطعَمُه، {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} الآيةَ. قال حجّاجٌ: وأخبرنا ابنُ جريج، عن ابن طاووس، عن أبيه مثلَه (١).

وذكَر عبدُ الرَّزاق، عن معمر، عن قتادةَ نحوَه.

وقالت فرقةٌ: الآيةُ محُكمةٌ، ولا يحرُمُ إلّا ما فيها. وهو قولٌ يُروَى عن ابن عبّاس (٢). وقد رُوِيَ عنه خِلافُه في أشياءَ حرَّمَها يطولُ ذِكرُها. وكذلك اختُلِفَ فيه عن عائشة (٣).


(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ١٢/ ١٩١ - ١٩٢ من طريق سنيد، وهو الحسين بن داود المِصِّيصيّ، به. وحجّاج: هو ابن محمد المِصِّيصيّ، وإبراهيم بن أبي بكر: هو المكّي الأخنسيّ.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنِّف ٤/ ٥٢٠ (٨٧٠٩)، وأبو داود (٣٨٠٠) و (٣٨٠٨) من طرق عنه، ورجال إسناد أبي داود في (٣٨٠٠) ثقات.
(٣) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٤/ ٥٢٠ (٨٧٠٨)، ولابن أبي شيبة (٢٠٢٣٥)، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٤٣٤، وتفسير ابن جرير الطبري ١٢/ ١٩٤ من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عنها رضي اللَّه عنها، وأورده ابن كثير في تفسيره ٣/ ٣١٦ وقال: صحيحٌ غريبٌ.
وقد ذكر الدارقطني في علله ١٤/ ٢٣٢، الرواية السابقة، وقال: "ورواه الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، وقولُ الليث أشبه بالصواب".

<<  <  ج: ص:  >  >>