للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناسُ؟ فقال: "لا، هي حَرَامٌ". ثم قال رسولُ الله: "قَاتَلَ اللهُ اليهودَ، لما حرَّمَ عليهم الشَّحْمَ، جمَلُوه فبَاعُوه، وأكلوا ثمَنَه". فحَذَّرَ أُمَّتَه أن يفعَلوا مثلَ ذلك.

وذكره البخاريُّ (١)، قال: حدَّثنا قُتَيبَةُ، قال: حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبِيبٍ، عن عطاء بنِ أبي رباح، عن جابرِ بنِ عبدٍ الله، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَه. وذكره ابنُ أبي شيبةَ (٢)، عن أبي أُسامةَ، عن عبدٍ الحميد بنِ جَعْفَرٍ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبِيبٍ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ مرفوعًا مثلَه.

وقال آخرون: يجوزُ الاستصباحُ بالزيتِ تقَعُ فيه الميتَةُ، ويُنتَفَعُ به في الصابُونِ وشِبْهِه، وفي كلِّ شيءٍ، ما لم يُبَعْ ولم يُؤكلْ، فإنه لا يجوزُ بَيْعُه ولا أكلُه بحال. وممن قال بذلك: مالكٌ (٣)، والشافعيُّ (٤)، وأصحابُهما، والثوريُّ (٥).

قال أبو عُمر: أمَّا أكلُه فمُجتَمَعٌ على تحريمِه، إلا الشُّذُوذَ الذي ذكرْنا.

وأما الاسْتِصْباحُ به، فقد رُوِي عن عليِّ بنِ أبي طالبِ وعبدِ الله بنِ عمرَ إجازَةُ ذلك. روى الحارِثُ (٦)، عن عليٍّ، قال: استنْفِعْ به للسِّراج، ولا تأكُلْه (٧).


(١) الصحيح (٢٢٣٦). وأخرجه كذلك مسلم (١٥٨١) عن قُتيبة، به.
(٢) المصنَّف (٣٨١٠٠).
(٣) انظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ٢٨٨، والمدونة ١/ ٢٥، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني ٤/ ٣٨٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٩١.
(٤) الأوسط لابن المنذر ٢/ ٢٨٨.
(٥) انظر: الطَّحاوي مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٩١.
(٦) هو الحارث بن عبد الله الأعور، رافضي ضعيف، وكذَّبه الشعبي وغيره، انظر: تحرير التقريب ١/ ٢٣٦، لكن الحارث لم ينفرد بهذه الرِّواية عن علي، بل تابعه ميسرة وزاذان.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٤٨٧٩) عن محمد بن فُضيل، عن عطاء، عن مَيْسرة، عن علي باختلافٍ في اللفظ. وأخرجه الطَّحاوي في شرح مشكل الآثار ١٣/ ٣٩٨ من طريق عطاء بن السّائب، عن ميسرة وزاذان عن علي أنَّه قال: "إذا سقطت الفأرة في السَّمن وهو جامد فاطرحها وما حولها من السَّمْن ثم كُلْه، وإن كان السَّمْن ذائبًا فخذها وألقها واستنفع به للسِّراج ولا تأكله". وابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢٨٥ من طريق عطاء، به، كما رواه الطَّحاوي سواء. وعطاء قد اختلط قبل موته.

<<  <  ج: ص:  >  >>