للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خِلافُ قولِ عطاء نصًّا من حديثه عن جابر، وقد تقدَّمَ ذكرُه في هذا البابِ (١)، وما أدْرِي كيف جاز له الفَتْوَى بخلافِ ما روى؟ إلا أنَّهم يقولون: إنّ يزيدَ بنَ أبي حَبِيبٍ لم يسْمَعْ حدِيثَه ذلك من عطاء.

وقد حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ التَّرمذيُّ، قال: حدَّثنا أبو نُعَيْم، قال: حدَّثنا زَمْعَةُ بنُ صالح (٢)، قال: حدَّثنا أبو الزبير، قال: سمِعتُ جابِرَ بنَ عبدٍ الله يقولُ: كنتُ عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا، فجاءه أناسٌ من أهل البحرَيْن فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّا نعملُ في البحر، ولنا سفينةٌ قد احتاجت إلى الدُّهْن، وقد وجدنا ناقةً ميتةً كثيرةَ الشَّحم، وقد أرَدْنا أن نَدهُنَ به سفينتَنا، فإنَّما هو عُودٌ، وإنما تجري في البحر، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفِعوا بشَحْم الميتة"، أو قال: "بشيءٍ من الميتة" (٣).


(١) والحديث الذي يستشهد به المؤلف مرويٌّ في الصحيحين من طريق عطاء بن أبي رباح، لذا يُحتمل أن يكون مُراد عطاء بشحوم الميتة ما ورد في الآثار السابقة من سقوط الفأرة أو غيرها تموت في السَّمن فتتحلّل.
وهذا أحمله على ما فسّر به القُرطبي في المفهم ٤/ ٤٦٥ فقال: "وقد فرّق بعض أهل العلم بين شحوم الميتة، وبين ما ينجس بما وقعت فيه نجاسة، فقال: لا ينتفع بالشُّحوم؛ لأنها نجسة لعينها، بخلاف ما ينجس بما وقع فيه فإنه يُنتفع به؛ لأنَّ نجاسته ليست لعينه، بل عارضة. قلت: وهذا الفرق ليس بصحيح ... ". قلنا: فلعل قول عطاء يتخرّج على هذا المعنى، والله أعلم.
(٢) ضعيف، وحديثه عند مُسلم مقرون. تحرير التقريب ١/ ٤١٨. وقال ابن عدي في الكامل ٣/ ٢٣٢: وحديثه كله كأنه فرائد ... أرجو ألا بأس به، ومعنى حديثه كله كأنه فرائد، أي: أفراد وغرائب.
(٣) أخرجه الطَّبري في تهذيب الآثار ٢/ ٢٨٢ (١٧٣٣) عن محمد بن مروان البصري، عن الضَّحاك بن مخلد عن زمعة، به. ورواه مختصرًا من طريق علي بن قادم، عن زَمْعة، به، قبل هذا بحديث (١٧٣٢).
كما أخرجه الطَّحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٦٨ - ٤٦٩، عن يونس، عن ابن وهب، عن زَمْعة، به، وأبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدّثين بأصبهان ٣/ ٢٨ - ٢٩ (ترجمة رقم ٢٥٥) عن إبراهيم بن أحمد المنخل، عن بكر بن بكّار، عن زَمْعة، به.
كما رواه ابن عدي في الكامل ٣/ ٢٣٢ مختصرًا دون ذكر القصّة. والحديث ضعيف لضعف زَمْعَةَ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>