للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمارِ وَحْش، فأبَى أن يأكُلَه. وحديثُ المطلب، عن جابرٍ يفسِّرُها (١)، قولُه: "صيدُ البرِّ لكم حلالٌ، ما لم تَصِيدُوه أو يُصَادَ لكم" (٢).

وأجمَع العلماءُ (٣) على أنه لا يجوزُ للمُحْرِم قَبُولُ صَيْدٍ وُهِب له، ولا يجوزُ له شِراؤُه ولا اصْطِيادُه، ولا اسْتِحداثُ مِلْكِه، بوجْهٍ من الوُجوهِ، لا خِلافَ بينَ علماء المسلمين في ذلك؛ لعُمُوم قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦]، ولحديثِ الصَّعْبِ بنِ جثَّامَةَ في قِصةِ الحَمارِ. ولأهْلِ العِلْم قولان في المُحرِم يشْتَري الصيْدَ، أحدُهما: أنَّ الشِّراء فاسِدٌ، والثاني: صحيحٌ، وعليه أن يُرْسلَه.

واختَلَف العلماءُ فيمن أحْرَم وفي يَدِه صيدٌ، أو في بَيْتِه عندَ أهْلِه؛ فقال مالكٌ (٤): إن كان في يَدِه، فعليه إرسالُه، وإن كان في أهلِه، فليس عليه أن يُرْسلَه. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأبي يُوسُفَ، ومحمدٍ (٥)، وأحمدَ بنِ حنبلٍ (٦).


= ابن حجر في التقريب (٢٦٢٤): صدوق وروايته عن عكرمة خاصَّة مضطربة، وقد تغيَّر بأخرة، ربما تلقَّن، فهو ممن تغير، أمَّا صُبيح فلا يكاد يُعرف ولم يذكره إلا ابن حِبّان في الثقات ٤/ ٣٨٢ ولم يرو عنه إلا سِماك بن حرب كما قال ابن ماكولا في الإكمال ٥/ ١٦٧. ومن هذه الطَّريق أخرجه المحاملي في الأمالي (٣٧٦) رواية الفارسي، عن عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، عن خلاد بن يحيى، به.
وهناك رواية ثالثة فيها قصَّة عثمان كما سيأتي، أخرجها أحمد في المسند ٢/ ١٧١ (٧٨٣) بسند فيه عليّ بن زيد بن جُدعان وهو ضعيف، وأبو داود في السنن (١٨٤٩).
(١) في الاستذكار للمُصنِّف ٤/ ١٣٦ "يفسِّرها كلّها" أي: هذا الحديث يُفسِّر هذه الأحاديث كلّها.
(٢) سيأتي تخريجه بعد صفحات.
(٣) ذكر الإجماع بهذا التفصيل: القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٢٤٤، فكأنه أخذه من ابن عبد البر بحروفه، ويُنظر: النَّووي في شرح صحيح مسلم ٨/ ١٥٤، فقد حكى التحريم ولم ينقل الإجماع.
(٤) النوادر والزِّيادات لابن أبي زيد ٢/ ٤٧٠ - ٤٧١. وانظر: مختصر اختلاف الفقهاء للطَّحاوي ٢/ ١٢٠، والمجموع للنووي ٧/ ٣٠٧.
(٥) الطَّحاوي شرح معاني الآثار ٢/ ٢٧٠.
(٦) انظر: الكافي في فقه أحمد بن حنبل لابن قدامة ١/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>