للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ أبي ليلى، والثوريُّ، والحسنُ بنُ صالح (١): سواءٌ كان في بيته أو في يَدِه، عليه أن يُرْسِلَه (٢)، فإن لم يُرْسِلْه، ضَمِن. وهو أحدُ قولي الشافعيِّ.

وقال أبو ثورٍ، والشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: سواءٌ كان في يَدِه أو في أهْلِه، ليس عليه أن يُرْسِلَه. وعن مجاهدِ، وعبدِ الله بنِ الحارِثِ، مثلُ ذلك.

واختَلَفوا أيضًا فيما صِيد للمُحرِمينَ، أو من أجْلِهم؛ فقال مالكٌ (٣): لا بَأسَ أن يأكُلَ المحرمُ الصَّيْدَ إذا لم يُصَدْ له، ولا من أجْلِه، فإن صِيد له، أو من أجلِه، لم يأكُلْه، فإن أكل مُحْرِمٌ من صَيْدٍ صِيد من أجْلِه، فَداه. وهو قولُ الأوزاعيِّ (٤)، والحسنِ بنِ حيِّ.

قال مالكٌ (٥): فأمَّا ما ذَبَحه المحرمُ فهو ميتَةٌ، لا يحلُّ لمحرم ولا لحلالٍ. وقد اخْتَلَف قولُه فيما صِيدَ لمحرم بعَيْنِه؛ كالأمِيرِ وشِبْهِه، هل لغيرِ ذلك الذي صِيدَ من أجلِه أن يأكُلَه من سائرِ من معَه (٦) من المُحرِمين؟ والمشهورُ من مَذْهَبِه عندَ أصحابِه أنَّ المحرمَ لا يأكُلُ ما صِيدَ لمحرم مُعَيَّنٍ أو غيرِ مُعَيَّنٍ، ولم يأخُذْ بقول عثمانَ لأصحابِه حين أُتي بلَحْم صيدٍ وهو محرمٌ (٧): كُلُوا، فلَسْتُم مثلي؛ لأنه صِيدَ من أجلي.


(١) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٢٠.
(٢) قال النَّووي في المجموع ٧/ ٣٠٧ عن أبي حامد والمحاملي: والمراد بإرساله: ردّه إلى صاحبه، وليس المراد إرساله في البريَّة.
(٣) النوادر والزِّيادات لابن أبي زيد ٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦.
(٤) مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ٢/ ١٢٥.
(٥) النوادر والزِّيادات ٢/ ٤٦٧.
(٦) في ج: "هو وسائر"، والمثبت من الأصل، ش ٤.
(٧) أخرجه أبو داود في السنن (١٨٤٩)، حين أكل من طعام أُعِدَّ له من اليعاقيب والحجَل ورفض علي رضي الله عنه الأكل. وقوله: أتعلمون أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُهديَ إليه رِجْل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم. والحديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>