للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختَلَفوا هل عليه مع ذلك جَلْدٌ أم لا؟ فقال جمهورُهم: لا جَلْدَ على المحْصَنِ، وإنَّما عليه الرجمُ فقط. وممن قال ذلك: مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وأصحابُهم، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سعدٍ، والحسنُ بنُ صالح، وابنُ أبي ليلى، وابنُ شُبْرُمةَ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، والطبريُّ، كلُّ هؤلاء يقولونَ: لا يجتَمِعُ جَلْدٌ ورَجْمٌ (١).

وقال الحسنُ البصريُّ، وإسحاقُ بنُ راهُويَةَ، وداودُ بنُ عليٍّ: الزاني المُحْصَنُ يُجلَدُ، ثم يُرْجَمُ (٢)، وحُجَّتُهم عمومُ الآيةِ في الزُّناةَ بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، فعَمَّ الزُّناةَ ولم يخُصَّ مُحصنًا من غيرِ مُحصَنٍ، وحديثُ عبادةَ بنِ الصامتِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "خُذُوا عنِّي، قد جعَل اللهُ لهُنَّ سبيلًا" البِكْرُ بالبِكْر، جَلْدُ مئةٍ وتَغْريبُ عام، والثيِّبُ بالثيِّبِ، جَلْدُ مئةٍ والرجمُ بالحجارةِ" (٣).

وروى أبو حَصِينٍ (٤)، وإسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ (٥)، وعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثدٍ (٦)، وغيرُهم، عن الشعبيِّ، قال: أُتي عليٌّ بزانيةٍ، فجَلَدها يومَ الخميسِ، ورجَمها يومَ الجمُعةِ، ثم قال: الرَّجمُ رَجمانِ: رجمُ سِرٍّ، ورجمُ عَلانيَةٍ، فأمَّا رجمُ العَلانيَةِ فالشُّهُودُ، ثم الإمامُ، ثم الناسُ، وأمَّا رجمُ السِّرِّ فالاعترافُ، فالإمامُ، ثم الناسُ (٧).


(١) مختصر اختلاف العلماء للطَّحَاوي ٣/ ٢٧٧.
(٢) ذكر هذا الحازِميُّ في الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، ص ١٦٠.
(٣) سيأتي تخريجه.
(٤) وهو: عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، وروايته أخرجها عبد الرَّزاق في المصنف (١٣٣٥٣)، والدَّارقطني في السنن ٣/ ١٢٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ٢٢٠.
(٥) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنف (١٣٣٥٣)، وأبو يعلى في المسند ١/ ١٧٩ (٢٨٥)، والحاكم في المستدرك ٣/ ٣٦٥، وأبو نُعيم في حلية الأولياء ٤/ ٣٢٩.
(٦) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنف (١٣٣٥٣).
(٧) وأخرجه كذلك بالإضافة إلى ما مرَّ من الطُّرُق بهذا اللفظ: ابن أبي شَيْبَة في المصنف (٢٩٤١٧)، وعلي بن الجعد في مسنده ١/ ٤٦ (١٧٦)، كلاهما من طريق شعبة عن الحكم، قال: سمعت عمرو بن نافع يُحدِّث عن علي رضي الله عنه، قال: "الرَّجم رجمان ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>