للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي من معاني الرجم ذكْرٌ صالحٌ، في بابِ يحيى بنِ سعيدٍ (١)، إن شاء اللهُ.

وأمَّا حديثُ عليٍّ في قصَّةِ شُرَاحَةَ، فليس بالقَويِّ، لأنَّهم يقولون: إنَّ الشعبيَّ لم يَسْمَعْ منه (٢)، وهو مشهورٌ، قد رَواه ابنُ أبي ليلى (٣)، وغيرُه، عنه (٤).


(١) في الحديث الثالث من أحاديث يحيى بن سعيد في باب الياء آخر الكتاب.
(٢) ذُكر هذا عن عددٍ من النُّقاد وأهلِ العلم، فقد نقل ابن رجب الحَنْبلي في فتح الباري ١/ ٥١١ عن يعقوب بن شَيْبة قوله: لم يصحّ سماعه منه. وقال الحازمي في الاعتبار، ص ١٦٠: لم يُثبت أئمة الحديث سماع الشَّعْبي من عليٍّ. وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث، ص ١١١: "وأنَّ الشعبي لم يسمع من صحابي غير أنس، وأنَّ الشعبي لم يسمع من عائشة ولا من عبد الله بن مسعود، ولا أسامة بن زيد، ولا من عليٍّ إنَّما رآه رؤية".
لكن روى البُخاري في صحيحه (٦٨١٢) عن سَلَمة بن كُهَيل قال: سمعت الشعبي يُحدِّث عن عليٍّ رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكفي إيراد البخاري لهذا الإسناد حتى يُحكَم باتِّصاله نظرًا لشدة تحري البخاري في الاتصال، وهذا ما اعتمده العلائي فقال في جامع التَّحصيل ص ٢٤٨ (٣٢٢): رُوي عن علي رضي الله عنه، وذلك في صحيح البخاري، وهو لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللِّقاء كما تقدَّم. ولهذا صحَّح الدَّارقطني في العلل هذه الرِّواية دون غيرها فقال في العلل ٤/ ٩٧ بعد أن سأله الرَّاوي: سمع الشَّعبي من علي، قال: سمع منه حَرْفًا، ما سمع غير هذا، والمقصود بذلك الحديث الذي نحن بصدده.
والخلاصة أنَّ في رواية الشعبي عن علي كلامًا كثيرًا وقد نفاها عددٌ من الأئمة النُّقَّاد، ولكن إخراج البخاري لشيء منها يقود إلى صحَّة هذه الرِّواية بعينها، وهذا ما انتهى إليه الدَّارقطني، وارتضاه ابن حجر، لذا نراه قال في تخريج حديث: "لا تغالوا في الكفن ... " في التلخيص الحبير ٣/ ٢٥٦: أبو داود من رواية الشَّعْبي عن في ... وفيه انقطاع بين الشَّعْبي وعلي؛ لأنَّ الدَّارقطني قال: إنه لم يسمع منه سوى حديثٍ واحد.
(٣) قال ابن حجر في فتح الباري ١٢/ ١١٩: قال الإسماعيلي: رواه عصام بن يوسف عن شُعبة فقال: عن سلمة، عن الشَّعْبي، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، عن عليٍّ، وكذا ذكر الدَّارقطني عن حسين بن محمد بن شُعبة. ورواية عصام كما ذكر ابن حجر عند الدَّارقطني في العلل ٤/ ٩٦، وذكر رواية أخرى عن الشعبي، عن أبيه، عن علي، ووهم في هذه الرِّواية.
(٤) كما عند البخاري عن سلمة بن كهيل كما مرَّ، ومجالد بن سعيد كما عند أحمد في المسند (٧١٦) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>