للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَصِيًّا وهي لا تَعْلَمُ أنَّه خَصِيٌّ، فوطِئَها، ثم عَلِمَت أنَّه خَصيٌّ، فلها أن تختارَ فِراقَه، ولا يكونُ ذلك الوطءُ إحصانًا (١).

وقال الثوريُّ: لا يُحصَنُ بالنصرانيةِ، ولا بالمملوكة، وهو قولُ الحسنِ بنِ حيٍّ. زاد الحسنُ بنُ حيٍّ: وتُحصَنُ المشركةُ بالمسلم، ويُحصَنُ المشْرِكانِ كلُّ واحدٍ منهما بصاحبِه.

وقال الليثُ بنُ سعدٍ في الزوجين المملُوكَين: لا يكونان مُحصنَينِ حتى يَدْخُلَ بها بعدَ عِتْقِهما، وكذلك النَّصْرانيَّان لا يكونان مُحصَنَين حتى يدْخُلَ بها بعدَ إسلامِهما. قال: وإن تزَوَّج امرأةً في عِدَّتِها، فوَطِئَها، ثم فُرِّق بينَهما، فهو إحصانٌ.

وقال الأوزاعيُّ في العبدِ تحتَه الحرَّةُ: إذا زنَى فعليه الرجمُ، وإن كانت تحتَه أمَةٌ وأُعتِق ثم زنَى، فليس عليه الرجمُ حتى يَنكِحَ غيرَها. وقال في الصغير التي لم تحضْ: إنّها (٢) تُحصِنُ الرجلَ، والغُلام الذي لم يَحتَلِمْ: لا يُحصِنُ المرأةَ. قال: ولو تَزَوَّج امرأةً فإذا هي أُختُه مِنَ الرَّضاعةِ، فهذا إحصانٌ (٣).

قال أبو عُمر: إيجابُ الأوزاعيِّ الرجمَ على المملوكةِ تحتَ الحُرِّ، وعلى العبدِ تحتَ الحرَّةِ، لا وجهَ له (٤)؛ لأن الله تعالى يقولُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]. والرجمُ لا يتنَصَّفُ،


(١) في المدوّنة ٢/ ٢٠٤: "قلت: أرأيت الخصيّ القائم الذكر، هل يحصن؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئًا، ولكن قال مالك: هو نكاحٌ، وهو يغتسل منه ويقام فيه الحدّ، وإذا تزوج وجامع فذلك إحصان. قلت: أرأيت المجبوب والخصيّ هل يحصنان المرء؟ قال: نعم، في رأيي؛ لأن المرأة إذا رضيت بأن تتزوج مجبوبًا أو خصيًّا قائم الذكر فهو وطء يجب فيه الصداق، ويجب بوطء المجبوب والخصيِّ الحدّ، فإذا كان هكذا فجماعه في النكاح إحصان، فهو نكاح صحيح".
(٢) قوله: "لم تحض: إنها" لم يرد في الأصل، وفي م: "تحصن أنها"، وهو تحريف، والمثبت من ش ٤.
(٣) من قوله: "قال مالك" إلى هنا كله من مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ٣/ ٢٨٠.
(٤) وانظر لإبطال قول الأوزاعي هذا: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٨٠ - ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>