للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ جُريج: قلتُ لعطاء: نفَى من مكةَ إلى الطائفِ؟ قال: حَسْبُه ذلك (١).

وأما قولُ الرجلِ: إنّ ابني كان عسيفًا على هذا، فزنَى بامرأتِه، مع قولِ أبي هريرةَ: فجلَد ابنَه مئةَ جَلْدَةٍ، وغرَّبه عامًا. فيَدُلُّ على أنَّ ابنَ الرجلِ المتكَلِّم أقرَّ على نفسِه بما قال أبوه أو صَدَّقَه في قولِه ذلك عليه، ولولا إقرارُهُ (٢) لما أقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الحدَّ عليه؛ لأنَّ من شَريعَتِه وسنتِه - صلى الله عليه وسلم - ألا يُؤخَذَ (٣) أحَدٌ بإقرار غيره عليه، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]. {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤]: لا على غيرها (٤). وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي رَمْثَةَ (٥): "إنَّكَ لا تَجني عليه، ولا يَجني عليكَ" (٦). وهذا كلُّه يُوضِّحُ لك أنَّه إنَّما جَلَده بإقرارِه


= وأبو إسحاق هو: عمرو بن عبد الله السبيعي. ورواه بإسناد آخر (١٦٧٣٤) من طريق الشافعي فيما بلغه عن هشيم، عن الشيباني، عن الشعبي، أن عليًا نفى إلى البصرة، وروى هذا الحديث في السنن الصغير (٢٥٦٤) له بلا إسناد، وقال: روينا عن الشعبي.
(١) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنف (١٣٣٢٥).
(٢) في الأصل بدل الإقرار: "ذلك"، والمثبت من ش ٤.
(٣) في ش ٤: "لما أقام عليه حدًّا؛ لأنه محال أن يؤخذ".
(٤) قوله: "لا على غيرها" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ش ٤.
(٥) هذا التوصيف غير دقيق؛ لأن الرِّواية عن أبي رَمْثة فيها: "دخلت مع أبي"، فالحديث كان مع والد أبي رَمْثة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - سأل والد أبي رمثة: من هذا معك؟
(٦) أخرج هذا الحديث عددٌ من الحفاظ، منهم: الحميدي في المسند (٨٦٦)، فقال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد الملك بن سعيد بن أبجر، عن إياد بن لقيط، عن أبي رَمْثة السُّلمي، قال: دخلت مع أبي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى أبي الذي بظهره فقال: دعني أعالج الذي بظهرك فإني طبيب، فقال: "إنَّك رفيق والله الطبيب"، قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي: "من ذا معك"؟ فقال: ابني، أشهد لك به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنّك لا تجني عليه ولا يجني عليك".
وأخرجه كذلك أبو داود في السنن (٤٢٠٦، ٤٢٠٧، ٤٢٠٨) بعدة أسانيد قال في بعضها: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن إياد بن لقيط ... أسقط ابن أبجر بينهما والنَّسائي في المجتبى ٨/ ٥٣ عن هارون بن عبد الله، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، به. كما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢٢/ ٢٧٩ (٧١٥) من طريق الحميدي.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، فالحميدي ومن دونه كلهم ثقاتٌ ثبت سماع بعضهم من بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>