للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: فهذا خلافُ حديث: ألقَتْ فَرْوَتَها مِن وراء الدَّارِ عن عمر، وهو أثْبَتُ.

واختُلف عن أنسٍ في هذه المسألةِ، فروَى سَلَّامُ بنُ مِسكِينٍ، عن حبِيبِ بنِ أبي فَضَالَةَ، عن صالح بنِ كُريزٍ، عن أنس، أنَّه قال له في أمَةٍ له: لا تَجلِدْها، وما كان عليك مِن ذَنْبٍ فعَليَّ (١).

وروَى هشيمٌ، عن داودَ (٢)، عن ثُمامَةَ بنِ عبدِ الله بنِ أنسٍ، قال: شَهِدْتُ أنسَ بنَ مالكٍ يضرِبُ إماءَه الحدَّ إذا زَنَيْنَ، تَزَوَّجْنَ أو لم يتَزَوَّجْن (٣).

وروَى معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سالم، عن ابنِ عمرَ في الأمَةِ إذا زَنَت، قال: إذا كانت ليست ذاتَ زوج، جلَدَها سيِّدها نصفَ ما على المحصَناتِ مِن العذابِ، وإن كانت ذاتَ زوج، رفَع أمرَها إلى السلطان (٤).

قال أبو عُمر: ظاهرُ قولِ الله عزَّ وجلَّ يَقْضِي أن لا حدَّ على الأمَةِ وإن كانت مسلمةً إلا بعدَ التزويج، ثم جاءتِ السُّنَّة بجَلْدِها وإن لم تُحصنْ، فكان ذلك زيادَةَ بيان. قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}. فوصَفَهُنَّ بالإيمان، ثم قال: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: ٢٥].


(١) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنَّف (١٣٦٢٣) عن رجل، عن سلّام - وقع في المطبوع: سالم، وهو تحريف - به. وابن حزم في المحلّى ١١/ ١٦٥ وضعَّفه لانقطاعه.
(٢) هو داود بن أبي هند كما جاء مُصرَّحًا به عند سعيد بن منصور والبيهقي.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في السنن ٥/ ١٢٢٤ (٦١٤) عن هُشيم، به. وابن المنذر في التفسير ٢/ ٦٥٣ (١٦٢٣) عن محمد عن سعيد عن هُشيم، به. والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ٢٤٣ من طريق سعيد بن منصور كذلك، به.
(٤) المصنَّف لعبد الرَّزاق (١٣٦١٠)، وقال ابن حجر في فتح الباري ١٢/ ١٦٣: وأخرج عبد الرَّزاق بسند صحيح، ثم ساق الأثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>