للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: والضَّبُعُ سَبُعٌ، لا نَخْتَلِفُ (١) في ذلك، فلمّا أجاز رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابُه أكْلَها، علِمْنا أنَّ نَهْيَه عن أكلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع ليس من جنسِ ما أباحَه، وإنَّما هو نوع آخرُ، واللَّهُ أعلمُ، وهو ما الأغلبُ فيه العَداءُ على الناس. هذا قولُ الشافعيِّ ومَن تابَعه.

قال الشافعيُّ (٢): ذو النَّابِ المُحَرَّم أكلُه هو الذي يعدُو على الناس؛ كالأسَد، والنَّمِر، والذِّئب. قال: وتُؤكلُ الضَّبُعُ والثَّعلبُ. وهو قولُ الليثِ بنِ سعد (٣).

وقال مالكٌ وأصحابُه (٤): لا يُؤكَلُ شيءٌ من سباع الوحوشِ كلِّها، ولا الهرُّ الوَحشيُّ ولا الأهليُّ؛ لأنه سَبُعٌ. قال (٥): ولا يُؤكَلُ الضَّبُعُ، ولا الثَّعلَبُ، ولا شيءٌ من سِباع الوَحش، ولا بأسَ بأكلِ سباع الطير. زاد ابنُ عبدِ الحكم في حكايتِه قولَ مالك، قال: وكلُّ ما يَفتَرِسُ ويأكلُ اللَّحمَ، ولا يرعَى الكَلأ، فهو سَبُعٌ لا يُؤكَلُ، وهذا يُشبِهُ السِّباعَ التي نهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكلِها.

ورُوي عن أشْهبَ بن عبدِ العزيزِ، أنّه قال: لا بأسَ بأكلِ الفيلِ إذا ذُكِّيَ. وقال ابنُ وَهْب: وقال لي مالكٌ: لم أسمَعْ أحدًا من أهلِ العِلْم قديمًا ولا حديثًا بأرْضِنا يَنْهَى عن أكلِ كلِّ ذي مِخلبٍ من الطير. قال: وسمِعتُ مالِكًا يقول:


(١) الضبط من الأصل.
(٢) الأُمّ ٢/ ٢٦٥.
(٣) وهذا بخلاف ما نقله بعض العلماء عنه، كابن المنذر في الأوسط ٢/ ٤٥٠، قال: "وقد روينا عن سعيد بن المسيِّب أنه كره ذلك، وبه قال الثوريُّ والليث بن سعد"، وبمثل ذلك نقل عنه الطحاويُّ في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٩٣، قال: "وقال الليث: لا بأس بأكل الهرِّ، وأكرهُ الضَّبُعَ".
(٤) المدوّنة ١/ ٥٤١.
(٥) المدوّنة ١/ ٥٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>