للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمُ، إلى السلطانِ. ورُوي عن الأعمشِ أنَّه ذُكِر له إقامةُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ حدًّا بالشام، فقال الأعمشُ: هم أُمراءُ حيثُما كانوا.

وأمَّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - في حديثنا المذكورِ في هذا البابِ: "ثم ليَبِعْها ولو بضَفِيرٍ"، فهذا على وجهِ الاختيارِ والحضِّ على مباعدةِ الزانيةِ، لما في ذلك مِن الاطِّلاع رُبَّما على المنكرِ والمكروه، ومن العونِ على الخبَثِ، قالت أُمُّ سلمةَ: يا رسولَ الله، أنَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كَثُرَ الخبثُ" (١). وتفسيرُه عندَ أهلِ العلم: أولادُ الزَّنى (٢).

وقد احتجَّ بهذا الحديثِ من لم يرَ نفيَ الإماء بعدَ إقامةِ الحدِّ عليهِنَّ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم إن زَنَت فاجلِدُوها، ثم بِيعُوها"، ولم يقلْ: فانفُوها. وقد تقدَّم اختلافُ العلماء في نفي الزُّناةِ في البابِ قبلَ هذا، والحمدُ لله.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (٢٨٣٥) بلاغًا عن أم سلمة، وجاء موصولًا في جزء نسخة إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف من رواية أبي صالح كاتب الليث عنه، ص ٨٩، فقد رواه أبو صالح عن إبراهيم عن أبيه عن جده عن أم سلمة، وأبو صالح كاتب الليث فيه كلام وهو كثير الغلط.
وقال المصنِّف في الحديث الثامن والعشرين من البلاغات من هذا الكتاب: وهذا الحديث لا يُعرف لأمِّ سلمة بهذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من وجه ليس بالقوي يُروى عن محمد بن سوقة عن نافع بن جُبير بن مطعم عن أمِّ سلمة ... وأما هذا اللفظ فإنما هو معروف لزينب بنت جحش عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مشهور محفوظ من حديث ابن شهاب، وقد اختلف عليه في بعض إسناده.
وحديث زينب هذا أخرجه البخاري في صحيحه في عدة مواطن، منها: (٣٣٤٦) و (٣٥٩٨)، ومسلم في الصحيح (٢٨٨٠) من طرق عن أم حبيبة عن أمِّها عن زينب بنت جحش.
(٢) انظر: شرح ابن بطّال على صحيح البخاري ٨/ ٤٧٤ وذكر أنه قول بعض أهل العلم، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٨/ ٣. وقد أسند المصنف هذا التفسير في البلاغات من هذا الكتاب لابن وهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>