للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْكَبٍ (١) بحالٍ، وهو قادرٌ على من يُطِيعُه إذا أمَرَه أن يحُجَّ عنه بطاعَتِه له، أو مَن يَسْتَأجِرُه، فيكونُ هذا ممن لزِمَه فَرْضُ الحجِّ؛ لأنَّه قادِرٌ بهذا الوجْهِ. قال: ومعرُوفٌ مِن لسانِ العربِ أن يقُولَ الرجلُ: أنا مُستَطِيعٌ أنْ أبْنيَ دارًا، أو أخيطَ ثَوْبًا، يعني: بالإجارَةِ، أو بِمَنْ أطاعه". واحتَجَّ بحديثِ الخثْعَمِيَّة؛ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ هذا المذكُورِ في هذا البابِ.

وقال مالكٌ (٢): كلُّ من قَدَرَ على التَّوَصُّلِ إلى البَيْتِ، وإقامَةِ المناسِكِ بأيِّ وجْهٍ قَدَرَ، بزادٍ وراحِلَةٍ، أو ماشِيًا على رجْلَيْه، فقد لزمَه فَرْضُ الحجِّ، ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بمَرَضٍ أو زَمَانَة، فليس بمُخَاطَبٍ في الحجِّ. هذا مَذْهَبُ مالكٍ وأصْحابِه.

واتَّفَقَ مالكٌ (٣) وأبو حنيفةَ (٤) أن المعضُوبَ الذي لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلةِ ليس عليه الحجُّ. وممن رُويَ عنه مثلُ قولِ مالكٍ: عكرمةُ، والضَّحّاكُ بنُ مُزاحِم.

والمعضُوبُ: الضَّعِيفُ الهَرِمُ، الذي لا يَقْدِرُ على النُّهُوضِ (٥)، وقال الخليلُ (٦): رجُلٌ مَعْصُوبٌ (٧) كأنما لويَ ليًّا، والمعْصُوبُ الذي كادَتْ أمعاؤه (٨) تنتشرُ (٩) جوعًا.


(١) في م: "ركب".
(٢) النوادر والزِّيادات ٢/ ٣١٧.
(٣) انظر: التلقين للقاضي عبد الوهاب ١/ ٧٩.
(٤) المبسوط للسَّرخسي ٤/ ١٣٩.
(٥) قال النَّووي في تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢/ ٢٥: المعضوب المذكور في كتاب الحج، العاجز عن الحج بنفسه لزمانة أو كسرٍ أو مرض لا يُرجى زواله، أو كبر بحيث لا يستمسك على الرَّاحلة إلَّا بمشقة شديدة.
(٦) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، وانظر قوله في كتاب العين ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٧) الذي ذكره الخليل بالصاد المهملة "معصوب".
(٨) في الأصل، م: "أعضاؤه"، والمثبت من ر ١، ش ٤، وهو الموافق لما في "العين".
(٩) هكذا في النسخ، وهو تصحيف صوابه: "تيبس"، كما في العين ومعجمات اللغة الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>