للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنْ أبى القَوْلَ بهذا الحديث، عَلَّلَه بأنَّه قد رُوِيَ هذا الحديثُ موقُوفًا (١) على ابنِ عباس (٢)، وبعضُهم يجعَلُه عن قتادةَ، عن سعيدِ بنِ جُبير، لا يَذْكُرُ عزرةَ (٣)، وليست هذه عِلَلًا يجِبُ بها التوقفُ عن القولِ بالحديثِ (٤)؛ لأنَّ زيادةَ الحافظِ مقبولةٌ، حُكْمُها حُكْمُ الحديثِ نَفْسِه، لو لَمْ يجِئْ به غيرُه، وباللّه التوفيقُ.


= وأخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٣٦ وقال: "هذا إسناد صحيح ليس في هذا الباب أصحُّ منه ... وقال يحيى بن مَعين: أثبت الناس سماعًا من سعيدٍ عَبْدة". وفي معرفة السنن والآثار ٧/ ٢٩ (٩١٩٠) عن إسحاق، عن عَبْدة، به، وقال: "وكذلك رواه أبو يوسف القاضي، عن ابن أبي عَرُوبة مرفوعًا، وكذلك رواه عن محمد بن عبد الله الأنصاري ومحمد بن بشر، عن ابن أبي عَرُوبة مرفوعًا. ورواه غُنْدر عن ابن أبي عَرُوبة موقوفًا على ابن عباس، ورُوي من وجهٍ آخر موقوفًا عليه".
(١) مرَّ ذكر الموقوف قبل قليل فيما ذكره البَيْهقي في المعرفة، ونقل البَيْهقي عن أحمد ترجيح الموقوف فقال كما في معرفة السنن والآثار ٧/ ٣٠: وإن لَمْ يصحّ مرفوعًا، فهو عن ابن عباس صحيحٌ برواية غُنْدر وغيره، ورجّح الطَّحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٣٨٢ الوقف على الرّفع، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ٢/ ٢٢٣: وقال أحمد بن حَنْبل: رفعه خطأ، وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. ولعل البيهقي استسلم لهذا الاتجاه، فقد استبعد الرواية المرفوعة ورجّح الموقوف مح رواية مرسله، وقال كما في المعرفة ٧/ ٣٠: "وإذا انضم إلى هذا الحديث المرسل قول صحابيٍّ كانت فيه الحجة عند الشّافعي".
وهذا كلّه ناشئٌ عن خطأ في تقدير صحّة حديث شُبْرُمة، واللّه أعلم.
(٢) روى الموقوف هذا ابن أبي عروبة في المناسك، ص ٦٤ (١٣) عن قَتادة عن سعيد بن جُبَيْر، أنَّ ابن عباس من قوله، والشافعي في المسند، ص ١١٠، عن سفيان عن أيوب، عن أبي قلابة عن ابن عبّاس، ومن طريقه أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار ٧/ ٢٩ - ٣٠ (٩١٩٤)، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٣٨٠ من طرق، أولُها: عن عُبيد بن رجّال، عن إبراهيم بن محمد الشافعي، عن الحارث بن عمير، عن أيوب، به، موقوفًا، والثاني: عن يوسف بن يزيد، عن حجاج بن إبراهيم، عن هُشيم، عن خالد، عن أبي قُلابة، به، وذكر أحاديث أخرى موقوفة.
(٣) انظر: حكاية هذا القول في البدر المُنير لابن المُلقِّن ٦/ ٤٨.
(٤) وهذا الرَّأي الذي ذهب المصنِّف ذهب إليه حفاظ آخرون، فقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى ٢/ ٣٢٧: عللّه بعضهم بأنه رُوي موقوفًا، والذي أسنده ثقةٌ فلا يضره، ووافقه ابن القطان فقال في بيان الوهم والإيهام ٥/ ٤٥٢ بعد أن ساق عددًا من الطرق المرفوعة والموقوفة: "والرّافعون ثقات فلا يضرهم وقف الواقفين له، إمّا لأنَّهم حفظوا ما لَمْ يحفظوا، وإمّا لأنَّ الواقفين رووا عن ابن عباس رأيه، والرَّافعين رووا عنه روايته". لكن علم العلل يرجح الموقوف على المرفوع، واللّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>