للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ الذِّمِّيَّ لا يجوزُ استئجارُه في ذلك؛ لأنَّهم قد أجمَعُوا على أنَّ الذِّمِّيَّ لا يحُجُّ عن المسلم تَطَوُّعًا، وأنَّ ذلك جائزٌ في المُسْلِم.

وفي حديث الخَثْعَمِيَّة هذا رَدٌّ على الحَسَن بنِ صالح بنِ حَيٍّ في قوله: إنَّ المرأةَ لا يجُوزُ أنْ تحُجَّ عن الرجلِ، وحُجَّةٌ لمن أجازَ ذلك.

وأمَّا حُجَّةُ مَن أبَى جَوازَ حَجِّ الرجلِ عن الرجلِ وهو صَرُورَةٌ (١) لم يحُجَّ عن نَفْسِه، فحَدِيثُ ابنِ عبَّاس.

حَدَّثَنَاهُ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المُؤْمِن، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ بكر، قال: حَدَّثَنَا أبو داود، قال (٢): حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ الطَّالقَانيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سليمانَ، عن ابنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قتَادةَ، عن عَزْرةَ (٣)، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عبَّاس، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سمِعَ رجُلًا يقولُ: لبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ، فقال: "مَنْ شُبْرُمَةُ؟ "، قال: أخٌ لي، أو: قَرِيبٌ لي، فقال: "أحَجَجْتَ عن نَفْسِكَ؟ "، قال: لا، قال: "فحُجَّ عن نَفْسِكَ، ثم حُجَّ عن شُبْرُمَة" (٤).


(١) قال الخطّابي في معالم السنن ٢/ ١٧٣: فيه من الفقه أنَّ الصَّرورة لا يحج عن غيره حتى يحجَّ عن نفسه.
(٢) السنن (١٨١١).
(٣) هو عَزْرة بن عبد الرَّحمن بن زرارة الكوفي الأعور، أحد الثِّقات. وقد اضطرب الناس فيه، فقال الطحّاوي: وعَزْرة هذا هو عَزْرة بن تميم، وهو وهمٌ. وقال البيهقي: هو عَزْرة بن يحيى.
وتعقبه ابن التُّركماني في الجوهر النقي المصبوغ بذيل السنن: بأن عَزْرة الذي روى عن سعيد بن جُبير وروى عنه قتادة هو: عَزْرة بن عبد الرَّحمن، كذا ذكر البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وابن حبان وصاحب الكمال، وحسبه ابن الجوزي عَزْرة بن قيس، ورده ابن حجر في التلخيص.
(٤) وأخرجه أيضًا ابن ماجة في السنن (٢٩٠٣) عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن عبدة بن سليمان، به. وابن الجارود في المنتقي، ص ١٣٢ (٤٩٩)، وابن خُزيمة في الصحيح (٣٥٣٩) كلاهما عن هارون بن إسحاق، عن عَبدة، به. وأبو يعلى في المسند ٣/ ٤٣ - ٤٤ (٢٤٣٤)، والطَّحاوي في شرح مُشكل الآثار (٢٥٤٧) من طريقين إحداهما: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن عَبْدة، به. والدَّارقطني في السنن ٢/ ٢٧٠ من طريق سعيد بن أبي عَروبة، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>