للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنَّ جُبيرَ بنَ مُطعِم سمِع هذا الحديثَ من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو كافرٌ، وحدَّث به عنه وهو مُسلمٌ، وقد مضَى القولُ في هذا المعنَى فيما سلَف مِن كتابِنا هذا (١).

وقد روَى هذه القصةَ فيه عن مالكٍ، عليُّ بنُ الربيع بنِ الرُّكَيْنِ (٢)، وإبراهيمُ بنُ عليٍّ التميميُّ (٣) جميعًا، عن مالكٍ، عن الزُّهريِّ، عن محمدِ بنِ جُبيرِ بنِ مُطعِم، عن أبِيه، قال: أتيْتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في فِداء أُسارَى بدرٍ، فسمِعتُه يقرأُ في المغربِ بـ: {وَالطُّورِ} ولم أُسلمْ يومَئذٍ، فكأنما صُدِعَ قلبي، وقال: "لو كان مُطعِمٌ حيًّا وكلَّمني في هؤلاء النفرِ لأعتَقْتُهم". هذا لفظُ عليِّ بنِ الربيعِ، وقال إبراهيمُ: "وكلَّمني في هؤلاء النَّتْنَى لتركتُهُمْ له". ولم يُتابَعْ هذانِ على سياقِة هذا الحديثِ بهذا اللَّفظِ عن مالكٍ.

وقد روَاه كذلك عن ابن شهابٍ جماعةٌ من أصحابِه، وممن روَى ذكْرَ ذلك عن ابنِ شهابٍ، عن محمدِ بنِ جبيرِ بنِ مُطعِم (٤): أُسامةُ بنُ زيدٍ الليثيُّ وغيرُه.


(١) ونظيره: ما مرَّ في الحديث الأول لابن شهاب، عن عُبيد الله، فيمن تحمَّل شيئًا وهو صغير وأدّاه كبيرًا، والعبرة عند المحدثين بوقت الأداء، إذ لا مانع من تحمِّل شيءٍ وهو صغير أو كافر وأدائه وهو كبير أو بعد الإسلام، وانظر: ابن حجر، فتح الباري ٢/ ٢٤٨.
(٢) عليٌّ هذا بالكاد عُرف اسمه، وقد ذكره ابن حجر في اللسان ٥/ ٣١ في الزوائد ولم يزد على ذكر أنَّه من الرُّواة عن مالك، وذكر أنَّ له ذكرًا في ترجمة محمد بن يوسف بن محمد بن سوقة، فهذا كلّ ما يُعرف عنه، فلا يقبل حديثه في حال الموافقة فضلًا عن المخالفة كما هو الحال هنا.
(٣) لَمْ نتبيَّنه وقد ذكر الرشيد العطّار في الرّواة عن مالك هذا الراويَ (٤٩) إبراهيم بن علي التميمي المغربي.
وهذه الألفاظ التي ذكرها مرويّة من غير طريق مالك، وقد صحّت من طُرق عن الزُّهري: فمنها ما رواه البخاري في صحيحه (٣١٣٩) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرَّزاق، عن معمر، عن الزهري، به. ولفظه: "لو كان المُطْعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النَّتْنى لتركتهم له". وانظر: كذلك أبا داود في السنن (٢٦٨٩). وأخرجه الحميدي (٥٥٨)، وأحمد في المسند (١٦٧٣٣) عن سفيان، عن الزهري، به.
(٤) في ر ١: "في هذا الحديث" بدلًا من: "عن محمد بن جبير بن مطعم".

<<  <  ج: ص:  >  >>