للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنّه لم يكنْ في العربِ من يَأكُلُ الكلبَ إلّا قومٌ منهم نفرٌ من فَقعَسَ، وفي أحدِهم قال الشاعرُ الأسَدِيُّ (١):

يا فَقْعَسِيُّ لِمَ أكَلْتَه لِمَهْ

لو خافَكَ اللَّهُ عليه حَرَّمَهْ

فما أكَلْتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ

قال أبو عُمر: يعني قوله: لو خافكَ اللَّهُ عليه حَرَّمَهْ: أنَّ الكلبَ عندَه كان ممّا لا يَأكُلُه أحَد، ولا يُخافُ أحدٌ على أكلِه إلّا المضطَرَّ، واللَّهُ عزَّ وجلَّ لا يخافُ أحدًا على شيء، ولا على غيرِ شيء، ولا يَلحَقُه الخوفُ جَلَّ وتعالى عن ذلك (٢). وأظنُّ (٣) الشعرَ لأعرابيٍّ لا يَقفُ على مثلِ هذا المعَنَى (٤)، واللَّهُ أعلم.

حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ اللَّه (٥)، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ يونس، قال: حدَّثنا بَقيُّ بنُ مَخْلد، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة، قال (٦): حدَّثنا محمدُ بنُ أبي عدِيٍّ، عن داودَ، قال: سُئِل الشَّعبيُّ عن رجلٍ يتَداوَى بلَحْم كلْبٍ، فقال: إن تَداوَى به فلا شَفاه اللَّه.


(١) واسمه سالم بن دارة الغطفاني كما في الحيوان للجاحظ ١/ ١٧٦، والرّجز عنده أيضًا في البخلاء ص ٢٩٩، والمخصّص لابن سيده ١/ ٢٤٤، والزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري ٢/ ٣٧٠، والإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات كمال الدين الأنباري ١/ ٢٤٣، واللسان مادة (روح) ٢/ ٤٦١، وشرح الأشموني ٤/ ١٨، والشطر الأخير عند بعضهم بلفظ: "فما قَرِبْتَ لحْمَه ولا دمَهْ".
(٢) وهذا عينُ ما فسَّر به الجاحظ في كتابه الحيوان ٤/ ٢٨١ الشطر المذكور.
(٣) من هنا إلى نهاية الفقرة لم يرد في ق.
(٤) في ف ١: "من المعاني"، والمثبت من الأصل.
(٥) هو ابن محمد بن عليّ اللَّخْميّ، أبو عمر المعروف بابن الباجيّ. ورجال إسناده إلى عامر بن شراحيل الشعبي ثقات. داود: هو ابن أبي هند.
(٦) في المصنَّف (٢٤١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>