للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونَ أن يعيبَ بعضُهم على بعضٍ ذلك. وهذه المسألة (١) تعدُّ من المسائل التي ترَك فيها مالكٌ العملَ للحديث.

وأما وجوبُ تكبيرةِ الإحرام دونَ غيرها من التكبير، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمُها التكبيرُ"، وأثبتُ شيءٍ في ذلك عندي أيضًا ما حدَّثناهُ محمدُ بنُ خليفةَ (٢)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ (٣)، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ محمدٍ الفريابيُّ، قال: حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ مضرَ، عن ابنِ عجلانَ، عن عليِّ بنِ يحيى الزُّرَقيِّ، عن أبيه، عن عمِّه، وكان بدريًّا، قال: كنَّا مع رسولِ الله - صلي الله عليه وسلم - إذ دخَل رجلٌ، فقام ناحيةَ المسجدِ فصلَّى، ورسولُ الله يرمُقُه ولا يشعرُ، ثم انصرَف فأتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم عليه، فردَّ عليه السلامَ، ثم قال: "ارجعْ فصلِّ، فإنَّك لم تصلِّ". قال: لا أدري في الثانيةِ أو في الثالثةِ. قال: والذي أنزَل عليك الكتابَ، لقد جهَدْتُ وحرَصتُ، فعلِّمْني وأرِني. فقال له: "إذا أردتَ أن تصليَ فتوضأ فأحسِنِ الوضوء، ثم استقبلِ القبلةَ، ثم كبِّرْ، ثم اقرأْ، ثم اركعْ حتى تطمئنَّ راكعًا، ثم ارفعْ حتى تعتدلَ قائمًا، ثم اسجُدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثم ارفعْ (٤) حتى تطمئنَّ


(١) ذكر ابن عبد البر في جامع بيان العلم ٢/ ١٠٨٠ (طبعة ابن الجوزي)، عن يحيى بن سلّام، قال: سمعت عبد الله بن غانم في مجلس إبراهيم بن الأغلب يُحدِّث عن الليث عن سعد، قال: أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مما قال فيها برأيه، قال: "ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك. وعلَّق أبو عمر بن عبد البر على ذلك بقوله: "ليس أحدٌ من علماء الأمة يُثبت حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يَرُدُّه دون ادِّعاء نسخ ذلك بأثر مثله أو بإجماع أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه أو طعن في سنده، ولو فعل ذلك أحدٌ سقطت عدالته فضلًا عن أن يُتخذ إمامًا ولزمه اسم الفسق". لذا، فمخالفة مالك للعمل بالحديث غالبًا؛ لأنه خالف عمل أهل المدينة، والله أعلم.
(٢) في الأصل: "خلف"، خطأ، وهذا إسناد دائر عند ابن عبد البر.
(٣) هو الآجُرِّي، والحديث في الأربعين، له، ص ١٣٣ (١٩).
(٤) وقع سقط في الأصل من هنا إلى "ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا" الآتي في الحديث الآخر، وهو قفز نظر غريب تأتي من عدم المقابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>