للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: وللقولِ في أحاديثِ التسليمتين والتسليمةِ الواحدةِ موضع غيرُ هذا. والتكبيرُ كلُّه في الصلاةِ مسنونةٌ لا ينبغي تركُها، وكذلك قال أبو بكر الأبْهَريُّ (١) في ذلك؛ قال: والسُّننُ في الصلاةِ خمسَ عشْرةَ سُنةً؛ أولها: الإقامةُ، ورفعُ اليدين، والسورةُ معَ أمِّ القرآنِ، والتكبيرُ كلُّه سوى تكبير الإحرام. وذكر سائرَها، كما قد ذكرناه عنه في بابِ ابنِ شهابٍ عن أبي سلمةَ (٢)، فإنْ ترَك التكبيرَ كلَّه أو بعضَه تاركٌ وكبَّر تكبيرةَ الإحرام، فإنَّ أهلَ العلم مختلِفون؛ فالذي عليه جمهورُ العلماء وجماعةُ الفقهاء أنه لا شيءَ عليه إذا كبَّر تكبيرةَ الإحرام، إلا أنه عندَهم مسيءٌ لا يُحمَدُ له فعلُه، ولا ينبغي أن يفعلَ ذلك ولا يتعمَّدَه، فإن فعَله ساهيًا سجَد لسهوِه عندَ غيرِ الشافعيِّ (٣)، فإنه لا يرى السجودَ إلا في السهوِ عن عملِ البدنِ لا عن الذكرِ، فإن لم يفعلْ لم تبطلْ صلاتُه. وحجتُهم في ذلك ما ذكرناه من الآثارِ عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم -، وعن جماعةٍ من الصحابةِ، في تركِهم التكبيرَ المذكورَ،


= في الصحيح (٥٧٦) عن أحمد بن مَنيع، والحسن بن محمد. والطَّحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٦٨ عن علي بن شيبة، كلهم (أحمد، وأحمد بن منيع، والحسن بن محمد، وعلي بن شيبة) عن روح، به.
ورواه النسائي في المجتبى ٣/ ٦٣، وابن خُزيمة في الصحيح (٥٧٦) عن الحسن بن محمد الزَّعفراني، عن حجاج، به.
(١) هو الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي الأبهري، شيخ المالكية ببغداد والمتوفى سنة ٣٧٥ هـ، له شروح على مختصر ابن عبد الحكم، ولعل المصنِّف أخذ هذا النقل منها، والشرح الكبير للمختصر وصل إلينا منه أجزاء متفرقة ليس فيها هذا النقل.
انظر ترجمته: تاريخ بغداد للخطيب ٣/ ٤٩٢ - ٤٩٣، وترتيب المدارك للقاضي عياض ٤/ ٤٦٦ - ٤٧٣، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١٦/ ٣٣٢ - ٣٣٤.
(٢) كما مرّ قبل ذلك في الحديث الثاني لأبي سلمة عن ابن شهاب.
(٣) انظر: الحاوي للماوردي ٢/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>