للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوي عن مالكٍ (١) في المأموم ما يدلُّ على هذا القولِ، ولم يختلفْ قولُه في الإمام والمنفردِ؛ أنَّ تكبيرةَ الإحرام واجبةٌ عليه، وأنَّ الإمامَ إذا لم يكبِّرْها بطَلت صلاتُه وصلاةُ مَن خلفَه فرضًا. وهذا يقضي على قوله في المأموم (٢)، والصحيحُ عندي قولُ من قال بوجوبِ تكبيرةِ الإحرام فرضًا على ما ذكرنا، وبالله التوفيق.

واختَلَف الفقهاءُ في حالِ تكبيرةِ الإمام والمأموم في تكبيرةِ الإحرام؛ فذكَر ابنُ خُوَيْزمَنْداد (٣)، قال: قال مالكٌ: إذا كبَّر الإمامُ كبَّر المأمومُ بعدَه، ويُكرهُ له أن يكبرَ في حالِ تكبيرِه، وإن كبَّر في حالِ تكبيرِه أجزَأه، وإن كبَّر قبلَه لم يُجزِئْه.

قال: وقال أبو حنيفةَ، وزُفرُ، ومحمدٌ، والثوريُّ، وعبيدُ الله بنُ الحسنِ: يكبِّرُ مع تكبيرِ الإمام.

قال محمدُ بنُ الحسن: فإن فرَغ المأمومُ من التكبيرِ قبلَ الإمام لم يُجزئْه.


(١) انظر: الموطأ (٢٠٤)، والمدونة ١/ ١٦٢.
(٢) بعد هذا في م: "فافهم"، ولم ترد في الأصل.
(٣) اختلف في اسمه وكنيته ولقبه، فقد اتفق العلماء على تسميته بمحمد، وأغلب المترجمين له على أنّ أباه اسمه أحمد، فهو محمد بن أحمد على الغالب، وهكذا سمّاه المصنف كما في الحديث الثاني لأبي سهيل بن مالك، في حين أنه سمّاه محمد بن إسحاق كما في الحديث الثاني لابن شهاب عن عطاء بن زيد، ولم يختلف قول المصنِّف في كنيته بأبي عبد الله، وهو كذلك عند القاضي عياض في المدارك، وابن فرحون في الديباج المُذهب، في حين كناه الذهبي والدّاودي وغيرهما بأبي بكر.
أما الاختلاف الأكبر ففي ضبط لقبه وشهرته، حيث ضبطه المصنف في أغلب المواطن بابن خوازبِنْداد، وضبطه في موضعين بابن خُوَيْزمَنْداد، وهذا الأخير هو الأكثر الأشهر في ضبط لقبه، فهكذا هو عند ابن حزم، وابن فرحون ومخلوف، والقرطبي والزَّركشي وابن حجر وغيرهم.
وهو أحد علماء المالكية العراقيين، تتلمذ على أبي بكر الأبهري، ويعدُّ من طبقة القاضي إسماعيل والقاضي عبد الوهاب المالكيين وغيرهما، ولم يحظ بترجمة لائقة في كتب المذهب، انظر ترجمته في: ترتيب المدارك للقاضي عياض ٧/ ٧٧، وتاريخ الإسلام للذهبي ٨/ ٦٨٠، والديباج المُذْهب لابن فَرْحون، ص ٢٦٨، ولسان الميزان لابن حجر ٥/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>