للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وهذا يدلُّ على أنَّه كان يكبِّرُ قبلَ فراغ بلالٍ من الإقامة (١).

واختلفوا في حينِ قيام المأموم إلى الصَّلاةِ؛ فكان مالكٌ لا يحُدُّ في ذلك حَدًّا، وقال: لم أسمعْ فيه بحدٍّ، ورأى أنَّ ذلك على قدرِ طاقةِ الناسِ؛ لاختلافِهم في أحوالهم؟ فمنهم الخفيفُ والثقيلُ (٢).

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إذا لم يكن الإمامُ معهم في المسجدِ، فإنهم لا يقومون حتى يرَوا الإمامَ معهم (٣). وهو قولُ الشافعيِّ وداودَ، وحجتُهم حديثُ أبي قَتادةَ الأنصاريِّ، عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم -، أنه قال: "إذا أُقيمتِ الصلاةُ فلا تقوموا حتى ترَوْني". وهو حديثٌ ثابتٌ صحيحٌ؛ رواه يحيَى بنُ أبي كثيرٍ، عن عبدِ الله بنِ أبي قَتادةَ، عن أبيه، عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم -. روَاه عن يحيَى جماعةٌ؛ منهم: أيوبُ السَّختيانيُّ (٤)، والحجاجُ الصوافُ (٥)،


(١) وهذا المعنى ذكره ابن بطّال في شرحه على البخاري ٢/ ٣٩٦ فقال: أي لا تُحرم في الصلاة حتى أفرغ من الإقامة لئلا تسبقني بقراءة أم القرآن. وذكر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٨ هذا أيضًا.
لكنّ البغوي قال في شرح السُّنة ٣/ ٦٣: قيل في تأويله: إنّ بلالًا كان يُقيم في موضع أذانه من وراء الصفوف، فلربما سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعض القراءة، فاستمهله بلال قدر ما يلحق القراءة والتأمين فينال فضيلة التأمين معه، وهذا الأخير هو الأقرب، والله أعلم.
(٢) الموطأ ١/ ١١٨ - ١١٩ (١٨٠).
(٣) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٦٦.
(٤) رواه أبو عوانة في المستخرج ١/ ٣٦٩ (١٣٣٦) عن الصائغ، عن مُسدَّد، عن عبد الوارث، عن أيوب، به. والطَّبراني في الأوسط ٨/ ٢٤٤ (٨٥٢٧) عن معاذ، عن مُسدَّد، عن عبد الوارث، عن أيوب، به. وقال: لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا عبد الوارث.
فلعله يقصد عن أيوب وحدَه، وإلا فقد رواه حماد عن أيوب والحجّاج كما سيأتي.
(٥) هو الحجّاج بن أبي عثمان، وروايته أخرجها أحمد في المسند (٢٢٥٧٨) عن يعلى، عن حجّاج، به. ومسلم في الصحيح (٦٠٤) عن إسماعيل بن عُليّة، عن حجّاج، به. وابن خُزيمة في الصحيح (١٥٢٦) من طريق بندار، ويحيى القطّان وسفيان بن حبيب، كلهم عن حجّاج، به. وابن حبّان في صحيحه (٢٢٢٢) عن أبي خليفة، عن مُسدّد، عن يحيى، عن حجّاج، به، وغيرهم.
ورواه النسائي في المجتبى ٢/ ٨١ عن علي بن حُجْر، عن هُشيم، عن هشام بن أبي عبد الله وحجّاج، به. ولفظه: "إذا نودي للصلاة ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>