للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث من الفقهِ: رفعُ اليدَين في المواضع المذكورة فيه، وذلك عندَ أهلِ العلم تَعْظيمٌ لله، وابتهالٌ إليه، واستسلامٌ له، وخُضوعٌ للوقوفِ بينَ يدَيْه، واتِّباعٌ لسُنَّةِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -.

واختَلَف العلماءُ في رَفْعِ اليدَين في الصَّلاة؛ فرَوَى ابنُ القاسم وغيرُه عن مالك، أنَّه كان يرَى رَفْعَ اليدَين في الصَّلاةِ ضعيفًا إلّا في تكبيرةِ الإحرام (١) وحدَها، وتعلَّقَ بهذه الرِّوايةِ عن مالكٍ أكثرُ المالِكيِّينَ، وهو قولُ الكُوفيِّينَ: سُفيانَ الثَّوريِّ، وأبي حنيفةَ وأصحابِه، والحَسَنِ بنِ حيٍّ، وسائرِ فقهاءِ الكوفة، قديمًا وحديثًا (٢).

قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ رحمه اللهُ في كتابِه في رَفْعِ اليَدَين من "الكتابِ الكبير" (٣): لا نعلَمُ مِصْرًا من الأمصارِ يُنسَبُ إلى أهلِه العلْمُ قديمًا تَرَكوا بأجمَعِهم (٤) رَفْعَ اليَدَين عندَ الخفضِ والرَّفْع في الصلاةِ إلّا أهلَ الكوفة (٥).

وروَى ابنُ وَهْب (٦) والوليدُ بنُ مسلم وسعيدُ بنُ أبي مريمَ وأشهبُ (٧) وأبو المُصْعَب، عن مالك، أنّه كان يرفعُ يديه، على حديثِ ابنِ عمرَ هذا إلى أن مات، فاللهُ أعلم.


(١) المدونة ١/ ١٦٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٩.
(٢) انظر أقوال هؤلاء جميعًا: مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ١/ ١٩٩.
(٣) ذكر الصَّفدي في الوافي بالوفيات ٥/ ١١١ أن كتاب رفع اليدين في الدعاء لمحمد بن نصر في أربع مجلدات.
(٤) في الأصل، م: "بإجماعهم"، والمثبت من بقية النسخ.
(٥) ذكر هذا القول عنه العراقي في طرح التثريب ٢/ ٢٥٥.
(٦) اختلاف العلماء للمروزي، ص ٤٩.
(٧) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>