للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال الأوزاعيُّ، وسفيانُ بنُ عُيينةَ، والشافعيُّ (١)، وجماعةُ أهلِ الحديث، وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبل (٢)، وأبي عُبَيْد، وإسحاقَ بنِ راهُوية، وأبي ثَوْر، وابنِ المُبارَك، وأبي جعفرٍ محمدِ بنِ جريرٍ الطَّبَريِّ.

وقال دوادُ بن عليٍّ: الرَّفعُ عندَ تكبير الإحرام واجبٌ، رُكْنٌ من أركانِ الصلاة. واختلَف أصحابُه؛ فقال بعضُهم: الرَّفْعُ عندَ الإحرام والرُّكوع والرَّفْعِ من الرُّكوعِ واجبٌ. وقال بعضُهم: لا يجبُ الرَّفعُ إلّا عندَ الإحرام. وقال بعضُهم: لا يجبُ لا عندَ الإحرام ولا غيرِه؛ لانّه فعَلَه ولم يأمُرْ به (٣). وقال بعضُهم: هو كلُّه واجبٌ؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي" (٤).

وذكَر ابنُ خُوَيْز مَنْداد، قال: اختَلَفَتِ الروايةُ عن مالكٍ في رَفْعِ اليدَين عندَ الخفضِ والرفعِ في الصَّلاة؛ فقال: يَرفعُ في كلِّ خَفضٍ ورَفْع (٥)، على حديثِ ابنِ عمرَ، عن النبيِّ عليه السَّلام. وقد قال: لا يَرفعُ إلّا في تكبير الإحرام. وهذا قال: لا يَرفعُ أصلًا. قال: والذي عليه أصحابُنا الرَّفْعُ عندَ الإحرام لا غيرُ.

وحُجَّةُ مَن ذهَب مذهبَ ابنِ القاسم وروايتِه عن مالك، ومَذْهَبَ الكُوفيِّينَ المُوافِقينَ له في ذلك: حديثُ البَراءِ بنِ عازِب، وحديثُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنّه كان يَرفعُ يدَيْه إذا افتَتحَ الصلاةَ، ثم لا يَرفعُ بعدُ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهير، قال: حدَّثنا أبو نُعَيْم، قال: حدَّثنا موسى بنُ محمدٍ الأنصارِيُّ، عن


(١) الحاوي للماوردي ٢/ ١١٦.
(٢) مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج ٢/ ٥١٥ - ٥١٦. وانظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٧٢.
(٣) انظر: المحلى لابن حزم ٢/ ٦٥ - ٦٦، وذهب إلى فرضية الرفع عند تكبيرة الإحرام، وندب ما سواها، وانظر هذه الأقوال أو أكثرها في فتح الباري لابن رجب الحنبلي ٥/ ١٦٢.
(٤) البخاري (٦٣١)، ومسلم (٦٧٤).
(٥) ذكر ابن حجر هذا القول عن ابن خُوَيْز مَنْداد في فتح الباري ٢/ ٢٢٣. وقال: وهو شاذٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>