للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في العربِ القادِمينَ والأعْرابِ مَن لا يَعرِفُ حُدودَ دينِه في الصَّلاةِ وغيرِها، وبُعِثَ - صلى الله عليه وسلم - معلِّمًا، فلمّا رآهُم يَعْبَثونَ بأيدِيهم في الصَّلاةِ نهاهُم وأمَرهم بالسُّكون فيها، وليس هذا من هذا الباب في شيء، واللهُ أعلم.

وأمّا الروايةُ عن مالكٍ كما ذكَرْنا عنه مما يُخالفُ روايةَ ابنِ القاسم، فحدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغ، قال: حدَّثنا أبو عُبيْدَةَ بنُ أحمد، قال: حدَّثنا يونسُ بنُ عبد الأعلى، قال: حدَّثنا أشهبُ بنُ عبد العزيز، قال: صَحِبْتُ مالكَ بنَ أنس قبلَ مَوْتِه بسَنَة، فما مات إلّا وهو يَرفَعُ يدَيْه. فقيلَ ليونسَ: كيف وَصَف أشْهَبُ رَفْعَ اليَدَين عن مالك؟ قال: سُئِلَ أشْهَبُ (١) عنه غيرَ مرّةٍ فكانَ يقولُ: يَرْفَعُ يدَيْه إذا أحْرَمَ، وإذا أراد أن يركَعَ، وإذا قال: سمع اللهُ لمن حمِده (٢).

قال يونسُ: وحدَّثني ابنُ وَهْب قال: صَحِبْتُ مالكَ بنَ أنس في طريقِ الحجِّ، فلمّا كان بمَوضع - ذكَرَه يونسُ - دَنَتْ ناقَتي من ناقَتِه، فقلتُ له: يا أبا عبدِ الله، كيف يَرفَعُ المُصلِّي يدَيْه في الصَّلاة؟ فقال: وعن هذا تَسألُني؟ ما أُحِبُّ أن أسمَعَه منكَ. ثم قال: إذا أحْرَمَ، وإذا أراد أن يَركَعَ (٣)، وإذا قال: سمِع اللهُ لمن حمِده. قال أبو عُبيْدَة: سمعتُ هذا من يونسَ غيرَ مرّة.


= بهذا من له حظ من العلم، هذا معروف مشهور، لا اختلاف فيه، ومع ذلك يُصرُّ بعض الحنفية على الاحتجاج به على أنه من أحاديث النهي عن رفع اليدين، كما عند الطَّحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٥٨، والزَّيْلَعي في نصب الراية ١/ ٣٩٤، والعيني في شرح سنن أبي داود ٣/ ٢٩٧.
(١) النوادر والزِّيادات لابن أبي زيد ١/ ١٧١.
(٢) قال الخطَّابي في معالم السنن ١/ ٣٢٦: ذهب أكثر العلماء إلى أنَّ الأيدي تُرفع عند الرُّكوع وعند رفع الرَّأس منه، وبه قال مالك في آخر أمده.
(٣) انظر: النوادر والزيادات ١/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>