للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا عبدُ الوارث، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهير، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يزيد، قال: حدَّثنا حفصُ بنُ غِياث، قال: سمعتُ سفيانَ الثَّوريَّ يقولُ: إذا رأيتَ الرجلَ يَعملُ بعَمَل قد اختُلِفَ فيه وأنتَ ترَى غيرَه فلا تَنْهَه (١).

قال أبو عُمر: اختلَفَتِ الآثارُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابةِ ومَن بعدَهم في كيفيّة رَفْع اليدَيْن في الصَّلاة؛ فرُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يَرفعُ يدَيْه مدًّا فوقَ أُذُنَيْه مع رأسِه، ورُوِيَ عنه أنّه كان يَرفعُ يديه حَذْوَ أُذُنَيْه، ورُوِيَ عنه أنّه كان يَرفَعُهما إلى صَدْرِه، وكلُّها آثارٌ محفوظةٌ مشهورة.

وأثبتُ شيءٍ في ذلك عندَ أهلِ العلم بالحديثِ حديثُ ابنِ عمرَ هذا، وفيه الرَّفْعُ حَذْوَ المَنْكِبَين، وعليه جمهورُ الفقهاءِ بالأمصارِ وأهلُ الحديث، وقد رُوِيَ عن ابنِ عمرَ أنّه كان يَرفعُ يدَيْه في الإحرام حَذْوَ مَنْكِبيه، وفي غير الإحرام دونَ ذلك قليلًا (٢)، وكلُّ ذلك واسعٌ حَسَن، وابنُ عمرَ روَى هذا الحديثَ وهو أعلمُ بتأوِيله ومَخرَجِه.

وذكَر الأثْرَمُ قال: حدَّثنا أبو حذيفة، قال: حدَّثنا عكرمةُ بنُ عمّار، قال (٣): رأيتُ سالمًا والقاسمَ وطاووسًا وعطاءً ونافعًا وعبدَ الله بنَ الزُّبير ومكحولًا يَرفعون أيديَهم في: استفتاح الصَّلاة، وعندَ الرُّكوع، وعندَ رَفْع الرأسِ من الرُّكوع حَذْوَ المَنْكِبَين، وكان أحمدُ بنُ حنبل يختارُ ذلك.

قال أبو عُمر: وهو اختيارُ مالكٍ والشافعيِّ وأصحابهما، وعليه العملُ عندَ الجمهور. وأمّا قولُه في هذا الحديث: إذا رفَع رأسَه من الرُّكوع رفَعهما كذلك


(١) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقِّه ٢/ ١٣٥ - ١٣٦ عن ابن الفضل، عن دعلج بن أحمد، عن أحمد بن علي بن الأبّار، عن أبي هشام، عن حفص بن غيّاث، به.
(٢) انظر: الموطأ (٢٠١).
(٣) أخرجه البخاري في رفع اليدين (٦٠) و (٦١) عن محمد بن مقاتل، عن عبد الله، عن عكرمة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>