للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "سمِع اللهُ لمن حمِده، ربَّنا ولك الحمدُ"، فإنَّ أهلَ العلم اختَلَفوا في الإمام؛ هل يقولُ مع سمِع اللهُ لمن حمِده: ربَّنا ولك الحمدُ، أم يَقتصرُ على: سمِع اللهُ لمن حمِده فقط؟ فذهَب مالكٌ وأبو حنيفةَ ومَن قال بقولهما إلى أنَّ الإمامَ لا يقولُ: ربَّنا ولك الحمدُ، وإنّما يقولُ: سمِع اللهُ لمن حمِده، لا غيرُ (١). وحُجَّتُهم في ذلك حديثُ الزُّهريِّ عن أنس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قولُه في الإمام: "إذا ركَع فارْكَعوا، وإذا رفَع فارْفَعُوا، وإذا قال: سمِع اللهُ لمن حمِده فقولوا: ربَّنا ولكَ الحمدُ". وقد تقدَّم هذا الحديثُ في باب ابنِ شهابٍ عن أنس من كتابنا هذا (٢).

وروَى أبو صالح عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَه (٣)، وفيه دليلٌ على أنَّ الإمامَ يَقتصِرُ على قول: سمِع اللهُ لمن حمِده، والمأمومَ يَقتصِرُ على: ربَّنا ولك الحمدُ.

وقال الشافعيُّ وأبو يوسفَ ومحمدُ بنُ الحسن وجماعةٌ من أهل الحديث: يقولُ الإمامُ: سمِع اللهُ لمن حمِده ربَّنا ولك الحمدُ. وقال مالكٌ: يقولها المُنفردُ (٤).

وحُجَّتُهم في ذلك حديثُ ابنِ عمرَ هذا وما كان مثلَه.

وممن رَوَى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يقول: "سمِع اللهُ لمن حمِده ربَّنا ولك الحمدُ": أبو هريرة، من حديثِ ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدِ الرحمن بن


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ١/ ٢٠٩.
(٢) في الحديث الثاني للزُّهري عن أنس رضي الله عنه.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٧٢١٤) عن أبي خالد الأحمر، عن محمد بن عَجْلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، به، وأخرجه أحمد في المسند (٨٥٠٢) عن عفان، عن وهيب، عن مصعب بن محمد، عن أبي صالح، به، وأبو داود في السنن (٦٠٣) عن سليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم، عن وهيب بمثل إسناد أحمد، ومسلم في الصحيح (٤١٥) عن إسحاق بن إبراهيم، وابن خَشْرم عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي صالح، به، ورواه كذلك عن قُتيبة، عن عبد العزيز الدَّراوردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه.
(٤) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ١٦١، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>