للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرْوَةً، وأكملُ من بعض، كما قال: "ليس المسكينُ بالطَّوّاف عليكم" الحديثَ (١). يريدُ: ليس الطَّوّافُ بالمسكين حقًّا؛ لأنّ ثَمَّ مَن هو أشَدُّ مَسْكَنةً منه، وهو الذي لا يَسْألُ الناسَ ويتعَفَّفُ. وَيدُلُّك على ذلك قولُ عائشة: إنَّ المسكينَ ليَقِفُ على بابي. الحديثَ (٢). وروَى مجاهدُ بنُ جَبْرٍ وأبو صالح السَّمّان جميعًا، عن عبدِ الله بنِ ضَمْرة (٣)، عن كعب، قال: مَن أحَبَّ في الله، وأَبْغَض في الله، وأعْطَى في الله، ومَنَع للّه، فقد استَكمَل الإيمان (٤).

ومن الدَّلائل على أنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ، كما قالتِ الجماعةُ والجمهورُ، قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣]، لَمْ يختلفِ المفَسِّرون أنَّه أراد: صلاتكم إلى بيتِ المقدس، فسَمَّى الصَّلاةَ إيمانًا. ومثلُ هذا قولُه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ١٧٧].

وأمّا من السُّنَّة، فكثيرٌ جدًّا؛ من ذلك قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بُني الإسلامُ على خمس: شهادَةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وإقام الصَّلاة، وإيتاءِ الزكاة، والحجِّ، وصوم رمضانَ" (٥).


(١) أخرجه مالك في الموطأ (٢٦٧٢)، وهو في الصحيحين: البخاري (١٤٧٩) و (٤٥٣٩)، ومسلم (١٠٣٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وللحديث طرق أخرى.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٧١٤٨)، وأبو داود في السنن (١٦٦٧)، والترمذي في الجامع (٦٦٥)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٨٦، وابن خزيمة (٢٤٧٣)، وابن حبان (٣٣٧٣)، والحاكم ١/ ٤١٧، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٧٧، كلّهم عن عبد الرَّحمن بن بُجيد عن جدَّته أم بُجيد، به. وقال الترمذي: "حديث أم بجيد حديث حسن صحيح". وكان قال قبل هذا: "وفي الباب عن عليّ، وحسين بن عليّ، وأبي هريرة، وأبي أمامة". قلنا: فذكر عائشة في كذا الحديث مستغرب.
(٣) في م: "جمرة"، وهو تحريف.
(٤) أخرجه وكيع في الزهد (٣٣٥)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣١٠٧٧)، وفي الإيمان (١٢٨)، وهنّاد في الزهد (٤٨٠) كلهم من طريق أبي صالح عن عبد الله بن ضَمْرة، عن كعب، ورواه العَدَني في الإيمان (٣) عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن كعب.
(٥) أخرجه البخاري (٨) و (٤٥١٤)، ومسلم (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>