للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤمنُ مَن أمِنَه النّاسُ على دِمائِهم وأموالِهم" (١)، أي: هو المؤمنُ المسلمُ حقًّا. ومن هذا قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا"، ومعلومٌ أنه لا يكونُ هذا أكمَلَ حتى يكونَ غيرُه أنقَصَ، وكذلك قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أوْثَقُ عُرَى الإيمانِ الحبُّ في الله، والبُغْضُ في الله" (٢)، وقولُه: "لا إيمانَ لمَن لا صلاةَ له" (٣)، و"لا مَن لا أمانةَ له" (٤). كلُّ ذلك يدُلُّ على أنّه ليس بإيمانٍ كامل، وأنَّ بعضَ الإيمانِ أوثَقُ


(١) أخرجه أحمد في المسند (٨٩٣١)، والترمذي (٦٢٧)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٠٤ - ١٠٥، وغيرهم من حديث أبي هريرة، وروي عن غير أبي هريرة أيضًا.
(٢) رُوي هذا الحديث عن عدد من الصحابة، منهم: البراء بن عازب، وقد أخرج حديثه الطيالسي في مسنده (٧٨٣)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٥٤٧٩)، وفي الإيمان، له (١١٠)، وأحمد في المسند (١٨٥٢٤)، وإسناده ضعيف لضعف ليث، وهو ابن أبي سُليم. وأخرجه وكيع في الزهد (٣٢٩) من طريق عمرو بن مرّة، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلًا.
(٣) روي هذا الحديث بأكثر من لفظ وأكثر من طريق، وباللفظ المذكور رُوي من طريق أبي بكر بن حُويطب مرفوعًا كما عند العدني في الإيمان (٦٢)، والخلّال في السُّنة (١١٩٠) والسند فيه ضعف، فضلًا عن أن من رفعه هو أبو بكر بن حويطب، وهو من تُبّع الأتباع، فالحديث معضلٌ، والله أعلم.
وروي مرفوعًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: "ولا دين لمن لا صلاة له": وهو عند الطبراني في المعجم الأوسط (٢٢٩٢)، وابن ثرثال في جزئه (مطبوع ضمن الفوائد لابن مندة) (٢٠٦)، وفي سنده مِنْدل بن علي، بل هو من أفراده، ومِنْدل ضعيف كما في تحرير التقريب ٣/ ٤١٦.
(٤) روي هذا الحديث من طرق لا تخلو كلها من ضعيفٍ أو مُتكلَّم فيه، منها: طريق أنس بن مالك، فقد رواها عنه أبو هلال الراسبي، عن قتادة، عن أنس، وهي عند ابن أبي شيبة في الإيمان (٧)، وعبد بن حميد في المسند كما في المنتخب (١١٩٨)، وأحمد في المسند (١٢٣٨٣)، والبزار في مسنده (٧١٩٦) وقال: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا اللفظ إلَّا أنسًا، ولا نعلم له طريقًا عن أنس إلَّا هذا الطريق، وأبو هلال قد روى عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه، وإن كان غير حافظ.
وهذا كلام مُتعقَّبٌ، إذ إن أبا هلال هذا ضعّفه غير واحد من الحفاظ، منهم: يحيى بن سعيد، ويزيد بن زريع، والبخاري، والنسائي، وأبو زرعة الرازي، وابن سعد، وابن حبان، والبزار، والدّارقطني وغيرهم كما في تحرير التقريب ٣/ ٢٥٠ (٥٩٢٣)، فهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>