للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محالًا أن يكونَ ابنُ عمرَ أدخلَ بينَهما أذانًا إلّا وقد عَلِمَه من رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد رُوِي مثلُ هذا مرفوعًا من حديثِ خُزيمَةَ بنِ ثابت (١)، وليس بالقويِّ.

وقد حَكَى الجُوزْجانيُّ (٢)، عن محمدِ بنِ الحَسَن، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفةَ، أنَّهما تُصلَّيانِ بأذانٍ وإقامتَيْن (٣)، يؤذَّنُ للمغرب، ويُقامُ للعِشاءِ فقط. وإلى هذا ذهب الطحاويُّ، وبه قال أبو ثور؛ وحُجَّتُهم في ذلك حديثُ جعفَرِ بنِ محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. واعتلُّوا بنحوِ ما قدَّمنا ذِكْرَه من أنَّ عُمرَ وابنَ مسعودٍ إنَّما أذَّنا للثانية من أجل تأخيرِهما العِشاءَ (٤).


(١) أخرجه الطَّبراني في المعجم الكبير ٤/ ٩٦ (٣٧١٤ - ٣٧١٥)، والمعجم الأوسط ٨/ ٢٠٣ - ٢٠٤ (٨٤٠٦) وقال: لَمْ يروِ هذا الحديث عن غيلان إلَّا قيس، تفرَّد به داود بن منصور، وخالف داود بن منصور الناس في إسناد هذا الحديث، لأنَّ الثوري رواه عن جابر، ورواه غير واحد عن ابن أبي ليلى، ورواه مالك بن أنس وجماعة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، كلهم عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي أيوب الأنصاري. وأخرجه الخطيب في تاريخ مدينة السلام ١٦/ ٨٤ - ٨٥. والحديث ضعفه الدَّارقطني في العلل ٦/ ١١٤. قلنا: وعلته تفرُّد قيس بن الربيع، به، وهو ضعيف عند التفرد، كما أن غيلان بن جامع ومن تابعه قد خولفوا في هذا الإسناد، كما أشار إلى ذلك الطبراني في الكبير (٣٧١٤).
(٢) هو: أبو سليمان موسى بن سُليمان الجُوزْجاني صاحب أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهو راوي كتاب "الأصل" لمحمد بن الحسن، وله من الكتب: "السير الصغير" و"الصّلاة" و"نوادر الفتاوى"، انظر: ابن قطلوبغا في تاج التراجم، ص ٢٩٨ - ٢٩٩.
(٣) لعل هذا في أحد كتبه التي صنّفها، وإلا ففي روايته لكتابِ "الأصل" عن محمد بن الحسن ٢/ ٣٦٧ خلاف ذلك، إذ فيه: بأذان واحد وإقامة.
وفي الآثار لأبي يوسف، ص ١٢٥، عن حماد، عن إبراهيم، أنَّه قال: إذا تطوّعت بينهما فصلِّ كلَّ واحدة منهما بأذان وإقامتين، وإذا لَمْ يتطوع بينهما صلّاهما بأذان وإقامة، وما حكاه الجُوزجاني يخالف ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة، كما حكاه عنهم الطحاوي في شرح المعاني وصرّح بمخالفتهم.
(٤) رفض ابن حزم في حجة الوداع، ص ٣٠٥ هذا التعليل، وقال: وهذا لا معنى له، لأنَّه قولٌ لا يعضده نصٌّ ولا إجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>