للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: تُصَلَّى الصَّلاتانِ جميعًا بإقامتَيْن دونَ أذانٍ لواحدةٍ منهما، وممَّن قال ذلك: الشافعيُّ وأصحابُه؛ ومن حُجَّةِ مَن ذهبَ إلى ذلك ما ذكَرَه عبدُ الرزّاق، عن مَعْمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابنِ عُمرَ، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما جاء المُزْدَلفةَ جمعَ بينَ المغربِ والعِشاء (١)؛ صلَّى المغربَ ثلاثًا، والعِشاءَ ركعَتَيْن، بإقامةٍ لكلِّ واحدةٍ منهما، ولم يُصَلِّ بينَهما شيئًا.

ورواه الليثُ بنُ سعد، عن عبدِ الرَّحمن بن خالدِ بن مُسافر، عن ابنِ شهاب، عن سالم بنِ عبدِ الله، عن أبيه، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثلَه (٢).

وليس في حديث مالكٍ هذه الزيادةُ، وهؤلاء حُفّاظ زيادَتُهم مقبولةٌ.

وذَكَر الشافعيُّ (٣)، عن عبدِ الله بنِ نافع، عن ابنِ أبي ذئب، عن ابنِ شهاب، عن سالم، عن أبيه مثلَه، غيرَ أنَّه قال: لَمْ يُنادِ بينَهما ولا على إثْرِ واحدةٍ منهما إلّا بإقامة.


(١) رواه النسائي في السنن الكبرى (٤٠١١) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرَّزاق، به، مقتصرًا على الحدِّ الذي وضعت عليه الإحالة.
(٢) أخرجه الطَّحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٢١٤ عن هارون بن كامل وفهد، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، به. ورواه الذُّهلي في الزُّهريات، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يونس، والإسماعيلي في المستخرج، عن القاسم، عن ابن زنجوية، وعن إبراهيم بن هانيّ، عن الرَّمادي، كلاهما (ابن زنجوية والرَّمادي)، عن أبي صالح، عن يونس، عن ابن شهاب، به. (ذكر هذا ابن حجر في تغليق التعليق ٢/ ٤٢١ - ٤٢٢).
(٣) السنن المأثورة ٢٦٠ (٤٤٦)، لكنه في مسنده ٣٢ (١١٥) روى عن مالك عن ابن شهاب، عن أبيه، أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلَّى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا. ولم يزد على هذا القدر كبقية رواة الموطأ. وقد حاول البيهقي الإجابة عن هذا الاختلاف في الرواية في كتابه "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي"، ص ٥٨.
لكن هذه الرواية تتماشى مع مذهب الشافعي في المسألة. ويؤيد هذه الرواية كذلك رواية البخاري في صحيحه (١٦٧٣) عن آدم، عن ابن أبي ذئب، به، كما سيأتي واللّه أعلم.
ومن طريق الشافعي رواه الطَّحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>