للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لواحدةٍ منهما. وبه قال إسحاقُ بنُ راهُويَة (١)، وهو أحدُ قَولَيْ أحمدَ بنِ حنبل (٢)، ورُوِيَ ذلك عن سالم والقاسم.

وذهَب أبو حنيفةَ وأصحابُه إلى أنّهما يُصَلَّيانِ بأذانٍ واحدٍ وإقامتَيْن (٣)، وهو قولُ أبي ثور (٤). واحتَجَّ بحديثِ جعفرِ بنِ محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك. وقد ذكَرْنا حُجَّةَ كلِّ واحدٍ منهم من جهةِ الأثَر، ولا مَدخَلَ في هذه المسألةِ للنَّظَرِ، وإنّما فيها الاتِّباع.

واختلَفوا فيمَن صلَّى الصَّلاتَيْن المذكورتَيْن قبلَ أن يَصِلَ إلى المزدلفة؛ فقال مالكٌ (٥): لا يُصلِّيهما أحدٌ قبلَ جمع إلّا من عُذْر، فإنْ صلّاهما من عُذْرٍ لَمْ يجمَعْ بينَهما حتى يَغِيبَ الشَّفَقُ.

وقال الثَّوريُّ (٦): لا يُصلِّيهما حتى يَأتيَ جمعًا، وله السَّعةُ في ذلك إلى نصفِ الليل، فإن صَلّاهما دونَ جَمْع أعاد.

وقال أبو حنيفةَ: إن صَلّاهما قبلَ أن يأتيَ المُزْدَلفةَ فعليه الإعادةُ، وسواءٌ صَلّاهما قبلَ مَغيبِ الشَّفَقِ أو بعدَه، عليه أن يُعيدَهما إذا أَتَى المُزْدَلفةَ (٧). واختُلِف عن أبي يوسفَ ومحمد، فرُوِيَ عنهما مثلُ ذلك، ورُوِي عنهما: إن صلّاهما بعرفاتٍ أجزَأه (٨). وعلى قول الشافعيِّ، لا يَنبغي أن يُصلِّيَهما قبلَ جَمْع، فإن فَعل أجزأه (٩).


(١) مسائل أحمد وإسحاق ٥/ ٢١٤٣ - ٢١٤٤.
(٢) المصدر السابق ٥/ ٢١٤٣.
(٣) شرح معاني الآثار للطَّحاوي ٢/ ٢١٤ لكن محمد بن الحسن ذكر في الأصل ٢/ ٤٢٠: بأذان وإقامة.
(٤) انظر: حجة الوداع لابن حزم، ص ٢٨٣.
(٥) المدونة ١/ ٤٣٢، والنوادر والزيادات ٢/ ٣٩٧.
(٦) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٢٦.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي ٤/ ٦٢.
(٨) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ٢/ ٢٨.
(٩) الحاوي للماوردي ٤/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>