للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال أبو ثور، وأحمدُ (١)، وإسحاقُ. ورُوِيَ ذلك عن عطاء، وعروةَ، وسالم، والقاسم، وسعيدِ بنِ جبير. وقد رُوِيَ عن جابرِ بنِ عبد الله قال: لا صلاةَ إلّا بجَمْع (٢). ومن الحُجّةِ لمَن ذهبَ إلى ذلك قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خُذُوا عنِّي مَناسِكَكم". وصلّاهما جميعًا بعدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بجَمْع، فليس لأحَدٍ أن يُصَلِّيَهما إلّا في ذلك الموضع كذلك إلّا من عُذْر، كما قال مالكٌ، واللّهُ أعلم.

وقد ذكَرْنا أقوالَ الفقهاءِ فيمَن فاتَتْه الصلاةُ مع الإمام بالمُزْدَلفة: هل له أن يَجمعَ بينَ الصَّلاتَيْن أم لا، في كتابنا هذا عندَ ذِكْرِ الصَّلاةِ بعَرَفة (٣).

واختلَفوا فيمَن لَمْ يَمرَّ بالمُزْدَلفةِ ليلةَ النحر، ولم يأتِها، ولم يقِفْ بها غَداةَ النحر؛ فقال مالكٌ (٤): من لَمْ يُنِخْ بالمزدلفةِ ولم ينزلْ بها، وتقدَّمَ إلى منًى فرمَى الجَمرةَ، فإنّه يُهْرِيقُ دمًا، فإن نَزل بها ثم دفعَ منها في أولِ الليل أو وَسطِه أو آخرِه، وتَرك الوقوفَ مع الإمام، فقد أجزَأه، ولا دمَ عليه.

وقال الثَّوريُّ (٥): مَن لَمْ يَقفْ بجَمْع ولم يقِفْ (٦) بها ليلةَ النحر، فعليه دمٌ. وهو قولُ عطاءٍ في رواية (٧)، وقولُ الزُّهريِّ، وقتادة. وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ،


(١) مسائل أحمد - رواية عبد الله ٢١٧ (٨١٢).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٢٢٢) عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريجٍ، عن أبي الزبير، عن جابر، به، وأبو الزبير قد عنعن هنا، لكن جاء مُصرَّحًا بالسماع في تاريخ مكة للفاكهي ٥/ ٤٥ حيث قال ابن جريجٍ: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر، وقد عزاه ابن حجر في فتح الباري ٣/ ٥٢٠ لابن المنذر وقال: بإسناد صحيح.
(٣) في الحديث الأول لمالك عن موسى بن عُقبة، ولم يمرَّ بعد، والمصنف يُحيل على ما سيأتي واللّه أعلم، وقد أشار هناك إلى هذا الحديث.
(٤) المدونة ١/ ٤٣٢.
(٥) ذكره الطَّحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٥١.
(٦) هكذا في النسخ، ولعل الصواب: "ولم يبت" بقرينة قوله: "ليلة ... ".
(٧) مصنَّف ابن أبي شيبة (١٥٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>