كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر تسعة أحاديث - ٣ - ج: 6 - ص: 417

وأبو ثور. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ: إذا تَرك الوقوفَ بالمزدلفةِ ولم يَقِفْ بها، ولم يمُرَّ بها، ولم يَبِتْ بها، فعليه دمٌ (١). قالوا: فإن بات بها وتعجَّلَ في الليل، رَجَع، إذا كان خُروجُه من غير عُذْر، حتى يَقفَ مع الإمام أو يُصبحَ بها، فإن لَمْ يَفعلْ فعليه دمٌ. قالوا: فإن كان رجلٌ مريضٌ أو ضعيفٌ، أو غلامٌ صغيرٌ فتقدَّموا من المزدلفةِ بالليل، فلا شيءَ عليهم (٢).

وقال الشافعيُّ (٣): إن نزَل وخرَج منها بعدَ نصفِ الليل، فلا شيءَ عليه، وإن خرَج قبلَ نصفِ الليل فلم يَعدْ إليها ليقفَ بها معَ الإمام ويُصبحَ، فعليه شاةٌ. قال: وإنّما حدَّدْنا نِصفَ الليل؛ لأنَّه بلَغَنا أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذِن لضَعفَةِ أهلِه أن يَرتحلُوا من آخرِ الليل، ورَخَّص لهم في ألّا يُصبِحوا بها ولا يَقِفوا مع الإمام (٤). والفَرضُ على الضَّعيفِ والقَويِّ سواءٌ، ولكنّه تأخَّرَ لمواضع الفَضْل وتعليم الناس. قال: وما كان بعدَ نِصفِ الليل فهو من آخرِ الليل.

ورُوِيَ عن عطاءٍ أنَّه إن لَمْ يَنزِلْ بجَمْع فعليه دمٌ، وإنْ نزَل بها ثم ارتحلَ بليل فلا شيءَ عليه. رواه ابنُ جُرَيج وغيرُه، وهو الصحيحُ عنه. وكان عبدُ الله بنُ عُمرَ (٥) يقولُ: إنّما جَمْعٌ منزِلٌ تَدَّلِجُ منه إذا شِئتَ (٦).

---

(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ١/ ٣٤٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الأم ٢/ ٢١٢.
(٤) ينظر: الحاوي للماوردي ٤/ ٤٣٦، والمجموع للنووي ٨/ ١٣٥.
(٥) في م: "عمرو"، والمثبت من ر ١.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٩٤٢) عن حفص، عن ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن الشَّوَّال، عن عبد الله بن عمر، ولفظه: "إنما جمع منزل ترتحل منه"، وذكره الفاكهي في تاريخ مكة ٥/ ٤٨ عن ابن جريجٍ معلقًا! ولفظه: "إنما جمع منزل تذبح فيه ... " وهو تحريف قد أحال المعنى إلى أمر آخر ففسد المعنى بذلك.
وذكر ابن حجر في فتح الباري ٣/ ٥٢٩ هذا الحديث مرفوعًا وعزاه للطبري وضعَّفه.