للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال علقمةُ، وعامرٌ الشعبيُّ، وإبراهيمُ النخعيُّ، والحسنُ البصريُّ (١): مَن لَمْ ينزِلْ بالمزدلفةِ وفاتَه الوقوفُ بها، فقد فاتَه الحجُّ، ويجعلُها عمرَةً. وهو قولُ عبدِ الله بنِ الزُّبير. وبه قال الأوزاعيُّ (٢)، أنَّ الوقوفَ بالمزدلفةِ فرضٌ واجبٌ يفوتُ الحجُّ بفواتِه. وقد رُوِيَ عن الثَّوريِّ مثلُ ذلك، ولا يصحُّ عنه، والأصحُّ عنه إنْ شاء الله ما قدَّمنا ذِكْرَه.

ورُوِيَ عن حمّادِ بنِ أبي سليمانَ أنّه قال: من فاتتْه الإفاضَةُ من جَمْع فقد فاتَه الحجُّ، فليُحِلَّ بعُمرَةٍ ثم ليَحُجَّ قابلًا (٣).

وحُجَّةُ مَن قال بهذا القولِ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨]، وقولُ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أدْركَ جَمْعًا مع الناسِ حتى يُفِيضَ فقد أدْركَ". وهذا المعنى رواه عروةُ بنُ مُضَرِّس، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصبغ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ زهير، قال (٤): حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا زكريّا بنُ أبي زائدة، عن عامر، قال: حدَّثني عروةُ بنُ مُضرِّسِ بنِ أوْسِ بنِ حارثةَ بنِ لام، أنّه حجَّ على عَهْدِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يُدْرِكِ الناسَ إلّا ليلًا وهم بجَمْع، فانطلَق إلى عرفاتٍ ليلًا فأفاضَ منها، ثم رجَع إلى جَمْع، فأتى رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسولَ الله، أتْعَبْتُ نفسي، وأنْضَيْتُ (٥) راحِلَتي، فهل لي من حَجٍّ؟ فقال: "مَن صَلَّى معنا الغَداةَ


(١) انظر: ابن أبي شيبة (١٥٤٧٠)، والحاوي للماوردي ٤/ ٤٣٦.
(٢) انظر: إكمال المُعلم للقاضي عياض ٤/ ٣٦٨.
(٣) المحلى لابن حزم ٧/ ١٣١.
(٤) التاريخ الكبير، السفر الثالث: ٣/ ٣٠ (٣٧٠٤).
(٥) من النِّضْوة البعير المهزول، والنَّاقةُ نِضْوَة، وقد أنضتها الأسفار فهي مُنَضاةٌ. الصحاح للجوهري ٦/ ٢٥١٣، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ٥/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>