للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هما في مَنْهَل يُريدانِ الرحلةَ إذ نظَرَ النابغةُ فإذا على ثوبه جَرادَةٌ، فقال: جَرادَةٌ تُجَرِّدُ، وذاتُ ألوان! فتَطَيَّرَ، وقال: لا أذْهَبُ في هذا الوَجْه. ونهَضَ زَبّانَ، فلمّا رجَعَ من تلك الغَزوَةِ سالمّا غانمًا أنشأ يقول (١):

تخَبَّرَ طيَرَه فيها زِيادٌ ... لتُخْبِرَه وما فيها خَبِيرُ

أقامَ كأنَّ لُقْمانَ بنَ عادٍ ... أشارَ له بحِكْمَتِه مُشِيرُ

تعلَّمْ أنَّه لا طَيرَ إلّا ... على مُتَطَيِّرٍ وهْو الثُّبورُ

بلى شيءٌ يُوافِقُ بعضَ شيءٍ ... أحايِينًا وباطِلُه كثيرُ

هذا زَبّانُ بنُ سَيّار، وهو أحدُ دُهاةِ العربِ وساداتُهم، لم يَرَ ذلك شيئًا، وقال: إنّه اتفاقٌ وباطِلُه كثيرٌ.

وممّن كان لا يَرَى الطِّيَرَةَ شيئًا من العربِ ويُوصي بتَرْكِها: الحارثُ بنُ حِلِّزَةَ، وذلك من صحيح قولِه، ويقولون: إنّ ما عدا هذه الأبياتَ من شِعْرِه هذا فهو مصنوعٌ (٢):


(١) ذكر هذه الأبيات الجاحظ في كتاب الحيوان ٣/ ٤٤٧، و ٥/ ٥٥٤ - ٥٥٥، وفي البيان والتَّبيين ٣/ ٢٠٣ وزاد بيتًا خامسًا فيه، وابن قتيبة في عيون الأخبار ١/ ١٤٦ واقتصر على بيتين دون أن ينسبهما وهما الأول والرَّابع، وابن رشيق في العمدة ٢/ ٢٦٢ مقتصرًا على البيتين اللذين ذكرهما ابن قُتيبة، والمرزوقي في الأزمنة والأمكنة، ص ٥٣٠ وذكر ثلاثة أبيات ما ذكرها ابن قُتيبة، والبيت الأخير الذي زاده الجاحظ في البيان والتَّبيين.
(٢) هذا كلام الجاحظ في الحيوان ٣/ ٤٤٩ - ٤٥٠، واقتصر على هذه الأبيات، وذكر ذلك في البيان والتَّبيين ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣ وقال الكلام نفسَه، ولكنه زاد بيتا وهو قوله:
قُلتُ لعَمرٍو حين أرْسَلتُه ... وقَدْ حَبَا مِنْ دُوننا عَالجُ
ذكر المَرْزوقي هذه الأبيات وزاد عليها في الأزمنة والأمكنة، ص ٤١٥، دون نسبة للحارث، وصرَّح في ص ٥٣٣ بنسبتها للحارث.
والأبيات في ديوان الحارث، ص ٦٤ - ٦٧ وقد أوصلها جامع الدِّيوان إلى اثني عشر بيتًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>