للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمعَ العُلماءُ، أنَّ الإمامَ لا يجهَرُ في صلاةِ الظُّهرِ ولا العصرِ يومَ عرفةَ، وفي ذلك دليلٌ على صِحَّةِ قولِ مَن قال: لا جُمُعةَ يومَ عرفةَ، وهُو قولُ مالكٍ والشّافِعيِّ ومحمدِ بن الحسن (١).

واختَلف العُلماءُ في الأذانِ للجَمْع بين الصَّلاتينِ بعَرَفةَ، فقال مالكٌ (٢): يُصلِّيهِما بأذانَيْنِ (٣) وإقامتَيْنِ، على ما قدَّمنا من قولِهِ في صلاتي المُزدلِفة، والحُجَّةُ لهُ قد تقدَّمت هُناك.

وقال الشّافِعيُّ، والثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ، وأبو ثورٍ، وأبو عُبيدٍ، والطَّبريُّ: يَجمَعُ بينَهُما بأذانٍ واحِدٍ وإقامتينِ، إقامةٌ لكلِّ صلاة (٤).

واختُلِف عن أحمد بن حَنْبل، فرَوى عنهُ الكَوْسَجُ، وعن إسحاقَ بن راهُويةَ أيضًا: الجمعَ بينَ الصَّلاتين بعَرَفةَ بإقامةٍ إقامة (٥).

وقال الأثرمُ، عن أحمدَ بن حنبل: مَن فاتتهُ الصَّلاةُ مع الإمام، فإنْ شاء جمعَ بينَهُما بأذانٍ وإقامتينِ، وإن شاء بإقامةٍ إقامة (٦).

وفي لُبسِ الحَجّاج المُعصفَر، وتَرْكِ ابن عُمرَ الإنكارَ عليه، معَ أمرِ عبدِ الملكِ إيّاهُ: أن لا يُخالِفَ عبدَ الله بنَ عُمر في شيءٍ من أمرِ الحجِّ، دليلٌ على أنَّهُ مُباحٌ، وإن كان أكثرُ أهلِ العِلم يكرهُونهُ، وإنَّما قُلنا: إنَّهُ مُباحٌ لأَنَّهُ ليس بطِيْب، وإنَّما كرِهُوهُ لأنَّهُ ينتفضُ (٧).


(١) هو في الاستذكار ٤/ ٣٢٩.
(٢) المدونة ١/ ٦١.
(٣) في ر ١: "بأذان".
(٤) هو في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٢٦، والاستذكار ٤/ ٣٢٦.
(٥) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٥/ ٢١٤٣.
(٦) وينظر: الإقناع ١/ ٣٨٧، والمبدع ٣/ ٢٣٠، والإنصاف ٤/ ٢٨.
(٧) نفض الثوبُ نفوضًا، ذهب بعض لونه. انظر: المعجم الوسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>