للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَكَر ذلك ابنُ بُكير، عن مالك، قال: إنَّما كُرِه لُبسُ المُصبَّغاتِ لأنَّها تنتفِضُ، وليس هذا عندَ القَعْنبيِّ ولا يحيى ولا مُطرِّف.

وكان مالكٌ يكرهُ لُبسَ المُصبَّغاتِ للرِّجالِ والنِّساء (١)، وخالف في ذلك أسماءَ بنتَ أبي بكر، ورُوي عن عائشةَ مِثلُ قولِ مالك، رواهُ الثَّوريُّ، عن الأعمشِ، عن إبراهيم: أنَّ عائشةَ كانت تكرهُ المُثَرَّدَ (٢) بالعُصفُر (٣).

ومِمَّن كان يكرهُ لُبسَ المُصبَّغاتِ بالعُصفُرِ في الإحرام: الثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ، وأبو ثورٍ (٤). ورخَّص فيه الشّافِعيُّ (٥)، لأنَّهُ ليس بطيبٍ.

وقد ذكر عبدُ الرَّزّاقِ، عن ابن عُيينة، عن عَمرو بن دينار، عن أبي جعفرٍ محمدِ بن عليّ، قال: أبصرَ عُمرُ بن الخطّابِ على عبدِ الله بن جعفرٍ ثَوْبينِ مُضْرَجينِ - يعني: مُعَصفرينِ - وهُو مُحرِمٌ، فقال: ما هذا؟ فقال عليُّ بن أبي طالبٍ: ما إخالُ أحدًا يُعلِّمُنا السُّنَّة. فسكتَ عُمرُ (٦).

أخبرني أحمدُ بن عبدِ الله بن محمد، أنَّ أباهُ حدَّثهُ قال: أخبرنا محمدُ بن فُطَيس، قال: حدَّثنا يحيى بن إبراهيم بن مُزين، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن مَسْلَمة القَعْنبيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن عُمر، عن عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم، عن عبدِ الله بن عبد الله بن عُمر، أنَّهُ قال: كُنتُ أخرُجُ (٧) وعليَّ ثوبانِ مُضْرَجانِ في الحرم مع ابن عُمر، فلا يُنكِرُ عليَّ.


(١) المدونة ١/ ٣٩٥.
(٢) المثرد: المصبوغ، وثوبٌ مثرُودٌ، أي: مغموس في الصِّبغ. انظر: لسان العرب (ثرد).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٣٠٣٦) من طريق الأسود، عن عائشة، بلفظ: تلبس المُحرمة ما شاءت، إلا المثرود المعصفر.
(٤) هو في المبسوط للسرخسي ٤/ ١٢٦، والاستذكار ٤/ ٣٢٧.
(٥) انظر: الأم ٢/ ١٦٢.
(٦) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥/ ٥٩، من طريق الشافعي، عن ابن عيينة، به.
(٧) في ر ١: "أحرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>