للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان مالكٌ، فيما ذكر عنهُ ابنُ (١) وَهْبٍ وابنُ القاسم: يستحِبُّ إيجابَ الفِدْيةِ على من لبِسَ المُعصفرَ المُصبَغَ في الإحرام، وهُو قولُ أبي حنيفة (٢).

والأصلُ في هذا البابِ: أنَّ الطِّيبَ للمُحرِم بعد الإحرام، لا يحِلُّ بإجماع العُلماءِ، لنهيِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - المُحرِمَ عن الزَّعفرانِ والوَرْسِ، وما صُبغ بهِما من الثِّيابِ المُصبغاتِ في الإحرام (٣).

وقال بعضُ أهلِ العلم: إنَّما كان ذلك من عُمر خوفًا من التَّطرُّقِ إلى ما لا يجُوزُ من الصِّبغ، مِثلَ الزَّعفرانِ، والوَرْسِ، وما أشبههُما، مِمّا يُعدُّ طيبًا.

وقال غيرُهُ: إنَّما كان ذلك من عُمر إلى طلحةَ، لوضِعِهِ من الإمامة (٤)، ولأنَّهُ مِمَّن يُقتدى بهِ، فوجبَ عليه تركُ الشُّبهةِ، لئلّا يظُنَّ به ظانٌّ ما لا يجُوزُ أن يظُنَّ بمِثلِه، ويتأوَّل في ذلك عليه.

وفي الحديثِ أيضًا من الفِقهِ، ما يدُلُّ على أنَّ تأخيرَ الصلاةِ بعرفةَ بعد الزَّوالِ قليلًا، لعملٍ يكونُ من أعمالِ الصلاةِ، مِثلَ الغُسلِ، والوُضُوءِ، وما أشبه ذلك، أنَّهُ لا بأس به.

وفيه: الغُسلُ للوُقُوفِ بعرفةَ؛ لأنَّ قولَ الحجّاج لعبدِ الله بن عُمر: أنظِرني حتّى أُفيضَ عليَّ ماءً، كذلك كان، وهُو مذهبُ عبدِ الله بن عُمر، وأهلُ العِلم يستحِبُّونهُ. ذكر مالكٌ (٥)، عن نافِع: أنَّ عبد الله بن عُمر كان يغتسِلُ لإحرامِهِ قبل أن يُحرِم، ولدُخُولِهِ مكَّة، ولوقوفِ عشيَّةِ عرفةَ.


(١) هذا الحرف سقط من م.
(٢) هو في المبسوط للسرخسي ٤/ ١٢٦، والحاوي الكبير ٤/ ١١١، والاستذكار ٤/ ٢٠.
(٣) انظر حديث ابن عمر في "ما يلبس المحرم" وهو في الموطأ ١/ ٤٣٧ - ٤٣٨ (٩٠٨)، والبخاري (١٨٣٨).
(٤) الموطأ ١/ ٤٣٨ (٩٠٩).
(٥) الموطأ ١/ ٤٣٤ (٩٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>