للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائلِهِ في ذلك. ذكر ابنُ وهبٍ وغيرُهُ عنهُ: أنَّ من دفعَ من عرفةَ قبلَ أن تغيبَ الشَّمسُ، ثُمَّ لم ينصرِفْ إليها في ليلةِ النَّحرِ فيقِفُ بها (١)، أنَّ حجَّهُ قد فاتهُ وعليه حجٌّ قابِل، والهديُ ينحرُهُ في حجٍّ قابِل، وهُو كمن فاتهُ الحجُّ (٢).

وقال مالكٌ - فيما ذكرهُ أشهبُ بن عبدِ العزيزِ عنهُ - أنَّ من دفعَ بعد الغُرُوبِ وقبل الإمام، فلا شيء عليه. ولا نعلمُ أحدًا من فُقهاءِ الأمصارِ قال بقولِ مالكٍ: أنَّ من دفعَ قبل الغُرُوبِ فلا حجَّ لهُ، وهُو قد وقف بعد الزَّوالِ وبعدَ (٣) الصَّلاةِ، ولا روينا عن أحدٍ من السَّلفِ، واللهُ أعلمُ.

وقال سائرُ العُلماءِ: كلُّ من وقفَ بعرفةَ بعد الزَّوالِ، أو في ليلةِ النَّحرِ، فقد أدركَ الحجَّ، فإن دفعَ (٤) قبل غُرُوبِ الشَّمسِ من عرفةَ، فعليه دمٌ عِندهُم، وحجُّهُ تامٌّ (٥).

قال الكُوفيُّون: فإن رجع بعد غُرُوبِ الشَّمسِ، لم يسقُط عنهُ ذلك الدَّمُ الذي كان قد وجب عليه، وهُو قولُ أبي ثورٍ.

وقال الشّافِعيُّ، وهُو قولُ مالكٍ: إن عادَ إلى عرفَةَ حتّى يدفع بعد المغيبِ، فلا شيءَ عليه، وإن لم يرجِع حتّى يطلُعَ الفجر، أجزأت عنهُ حجَّتُهُ (٦) عندَ الشّافِعيِّ، وعليه دمٌ.

وحُجَّةُ من قال بقولِ الشّافِعيِّ، في أنَّ اللَّيل والنَّهار بعد الزَّوالِ في الوُقُوفِ بعرفةَ سواءٌ، إلّا ما ذكرنا من الدَّم، حديثُ عُروة بن مُضَرِّسٍ، الذي قدَّمنا ذِكرهُ، في


(١) قوله: "فيقِفُ بها" سقط من ر ١، ض.
(٢) انظر: المدونة ١/ ٤١٣.
(٣) في ر ١: "بعد".
(٤) في ر ١: "رجع".
(٥) انظر: المغني ٣/ ٣٦٤.
(٦) سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>