للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تُريدُون بهذا؟ الإصلاحَ تُريدُونَ أم الإفسادَ (١)؟ فقالوا: بل نُريدُ الإصلاح. قال: فإنَّ الله تعالى لا يُهلِكُ المُصْلِح. قالوا: فمنِ الذي يَعْلُوها؟ قال الوليدُ بن المُغيرةِ: أنا أعلُوها فأهدِمُها (٢). فارْتَقى الوليدُ بن المُغير على ظهرِ البيتِ ومَعهُ الفأسُ، فقال: اللَّهُمَّ إنّا لا نُريدُ إلّا الإصلاح. ثُمَّ هدمَ، فلمّا رأتهُ قُريشٌ قد هدمَ منها، ولم يأتِهِم ما خافُوا من العَذابِ هَدَمُوا معهُ، حتّى إذا بَنَوْها، فبلغُوا موضِعَ الرُّكنِ، اخْتَصمت قُريشٌ في الرُّكنِ، أيُّ القَبائلِ تلي رَفْعَهُ، حتّى كاد يشجُرُ بينهُم، فقالوا: تعالَوْا نُحكِّمْ أوَّلَ من يَطْلُعُ علينا من هذه السَّكَّةِ، فاصْطَلحُوا على ذلك، فاطَّلعَ عليهم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهُو غُلامٌ، عليه وِشاحا نَمِرةً، فحكَّمُوهُ، فأمَرَ بالرُّكنِ فوُضِع في ثوب، ثُمَّ أمرَ سيِّدَ كلِّ قبيلة، فأعطاهُ ناحيةً من الثَّوبِ، ثُمَّ ارْتَقَى هُو، فرفعُوا إليه الرُّكن، فكان هُو يَضَعُهُ (٣).

وذكر ابنُ جُريج (٤)، عن مُجاهِدٍ، معنى حديثِ أبي الطُّفيلِ المُتقدِّم ذِكرُهُ، ومعنى حديثِ الزُّهْريِّ هذا، وحديثُهُما أكملُ وأتمُّ.

وفي هذا البابِ حديثٌ تفرَّد به إبراهيمُ بن طهمان، عن مالك، عن الزُّهْريِّ، عن عُروة، عن عائشة، قالت: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هَمَمتُ أن أهْدِمَ الكعبةَ


(١) في مصنَّف عبد الرزاق: "الإساءة"، وفي م: "الفساد"، والمثبت من ش ٤.
(٢) في م: "وأهدمها".
(٣) قال شيخنا العلّامة حبيب الرحمن: "أخرجه يعقوب بن سفيان، عن أصبغ بن فرج، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري. قال ابن كثير: فيه من الغرابة قوله: فلمّا بلغ الحلم، والمشهور أن هذا كان وعمرُه - صلى الله عليه وسلم - خمس وثلاثون سنة، نصّ عليه ابن إسحاق ٢/ ٣٠٠، وسيأتي بهذا الإسناد في المغازي. وأخرجه الأزرقي، من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن معمر ١/ ٩٩ و ١٠٠".
(٤) أخرجه عبد الرَّزّاق في المصنَّف ٥/ ٩٨ (٩١٠٣) عن ابن جُريج، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>