للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ إسحاق (١): فحدَّثني بعضُ من رَوَى هذا الحديث: أنَّ رجُلًا من قُريشٍ مِمَّن كان يَهْدِمُها، أدخلَ عَتلةً بين حَجَرينِ لتقْلع بها أحدَهُما، فلمّا تحرَّك الحَجَرُ تنقَّضت مكَّةُ بأسرِها، فانتهَوا عن ذلك الأساسِ.

قال (٢): وحُدِّثتُ أنَّ قُريشًا وجدُوا في الرُّكنِ كِتابًا بالسُّريانيَّةِ، فلم يَدْرُوا ما هُو (٣) حتّى قرأهُ لهُم رجُلٌ من اليهُودِ، فإذا هُو: أنا اللهُ ذُو (٤) بكَّةَ، خلقتُها يومَ خلقتُ السَّماواتِ والأرض وصوَّرتُ الشَّمسَ والقمر، وحَفَفتُها بسبعةِ أملاكٍ حُنَفاء، لا تزُولُ حتّى يزُولَ أخْشَباها (٥)، مُباركٌ لأهلِها في الماءِ واللَّبنِ.

قال (٦): وحُدِّثتُ أنَّهُم وجدُوا في المَقام كِتابًا فيه: مكَّةُ بيتُ الله الحرامُ، يأتيها رِزقُها رَغَدًا من ثلاثةِ سُبُل، لا يُحِلُّها أوَّلُ مَن أهِلَها.

قال ابنُ إسحاق (٧): ثُمَّ إنَّ القبائل من قُريشٍ جَمَعتِ الحِجارة لبِنائها، كلُّ قَبيلةٍ تجمعُ على حِدَة، ثُمَّ بنَوها حتّى بلغَ البُنيانُ مَوْضِع الرُّكنِ، فاختصمُوا فيه، كلُّ قَبيلةٍ تُريدُ أن ترفعهُ إلى مَوْضِعِهِ دُون الأُخرى، حتّى تَحاوزُوا (٨) وتخالفُوا وأعدُّوا (٩) للقِتالِ، فقرَّبت بنُو عبدِ الدّارِ جَفْنةً مملُوءةً دمًا، ثُمَّ تعاهدُوا هُم وبنُو عديِّ بن كعبِ بن لُؤيٍّ على المَوْتِ، وأدخلُوا أيديَهُم في ذلك الدَّم في


(١) السيرة لابن إسحاق ١/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) السيرة ١/ ١٩٦.
(٣) في ر ١: "فيه".
(٤) في ض: "رب".
(٥) أخْشَبا مكة: جبلاها. انظر: لسان العرب ١/ ٣٥١.
(٦) السيرة لابن إسحاق ١/ ١٩٦.
(٧) السيرة ١/ ١٩٦ فما بعد.
(٨) في ر ١، م: "تحاوروا".
(٩) في ض، م: "واعتدوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>