للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مُسيئًا، وصلاتُهُ تامَّةٌ. وكرِهَ أن يقولَ في الفريضةِ مِثلَ ما يقولُ المُؤذِّنُ، فإن قال الأذانَ كلَّهُ في الفَرِيضةِ أيضًا، لم تبطُل صلاتُهُ، ولكنَّ الكراهيةَ في الفريضةِ أشَدُّ (١).

وذُكِرَ عن الشّافِعيِّ: أنَّهُ يقولُ في النّافِلةِ الشَّهادتينِ، وإن قال: حيَّ على الصَّلاةِ حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، بَطَلت صلاتُهُ، نافِلةً كانت أو فريضةً (٢).

قال أبو عُمر: ما تقدَّم عن الشّافِعيِّ، من الجمع بين النّافِلةِ والمكتُوبةِ، أصحُّ عنهُ، والقياسُ أن لا فرقَ بين المكتُوبةِ والنّافِلةِ، إلّا أنَّ قولهُ: "حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاح" قَدِ اضْطَربتْ في ذلك الآثارُ، وهُو كلامٌ، فلا يجُوزُ أن يُقال في نافِلةٍ ولا فَرِيضة. وأمّا سائرُ الأذانِ، فمِن الذِّكرِ الذي يصلُحُ في الصَّلاةِ، ألا ترى إلى حديثِ مُعاوية بن الحَكَم، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: "إنَّ صَلاتَنا هذه لا يَصْلحُ (٣) فيها شيءٌ من كلام النّاسِ، إنَّما هُو التَّسبيحُ، والتَّهليلُ، والتَّكبيرُ، وتلاوةُ القُرآنِ" (٤). وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "قُولُوا مِثلَ ما يقولُ المُؤذِّنُ". ولم يخُصَّ صلاةً من غيرِ صلاةٍ، فما كان من الذِّكرِ الذي مِثلُهُ يصلُحُ في الصَّلاةِ، جازَ فيها، قياسًا ونظرًا، واتِّباعًا للأثرِ.


(١) انظر: الاستذكار ١/ ٣٧٣ (ط. العلمية)، وهي المستعملة في هذا المجلد إلا عند الإشارة.
(٢) المجموع شرح المهذب ٣/ ١١٩ - ١٢٠، والاستذكار ١/ ٣٧٤ (ط. العلمية).
(٣) في م: "لا يصح".
(٤) أخرجه أحمد ٣٩/ ١٧٥ (٢٣٧٦٢)، والدارمي (١٥١٠)، ومسلم (٥٣٧)، وأبو داود (٩٣٠)، والنسائي في المجتبى ٢/ ١٦ - ١٧، وفي الكبرى ١/ ٢٩٧ (٥٦١)، وابن خزيمة (٨٥٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٤٦، وابن حبان (٢٢٤٧)، والطبراني في الكبير ١٩/ ٤٠١ (٩٤٥)، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٢٤٩ من طريق عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم، بتمامه. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩ (١١٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>