للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا لا يَظنُّه ذو لُبٍّ ولا يقولُه أحدٌ؛ لأن عُلماءَ المسلمين مجُمِعونَ على أنَّ الإمامَ لا يبني على شيءٍ عَمِلَهُ في صلاتِه وهو على غيرِ طهارةٍ، وإنَّما اختَلَفوا في بناءِ المُحْدِثِ على ما صلَّى وهو طاهرٌ قبلَ حدثِه. وسنذكُرُ أقوالَهم في ذلك وفي بناءِ الرَّاعِفِ في آخرِ البابِ إن شاء اللَّه.

حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ محمدٍ (١)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ (٢)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن همَّام بنِ مُنبِّهٍ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَقبلُ اللَّه صلاةَ أحدِكم إذا أحدَث حتى يتوضَّأَ" (٣).

وقد ذكَرنا أسانيدَ قولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَقبلُ اللَّه صلاةً بغيرِ طُهورٍ" في بابِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسم (٤)، والحمدُ للَّه.

والوجْهُ الثاني: أن يكونَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ انصرَف بعدَ غُسلِه استأْنفَ صلاتَه واستأْنفَها أصحابُه معه بإحرام جديدٍ، وأبطَلُوا إحرامَهم معه، وقد كان لهم أنْ يَعتَدُّوا به لو استخلَف لهم من يُتِمُّ بهم. فهذا الوجْهُ وإن صحَّ في مذهبِ مالكٍ مِن وجْهٍ، فإنَّه يَبطلُ الاستدلالُ به مِن هذا الحديثِ على جوازِ صلاةِ القوم خلفَ الإمام الجُنُبِ؛ لأنَّهم إذا استأنفُوا إحرامَهم فلم يُصَلُّوا وراءَ جُنُبٍ، بل قد يَستَدِلُّ بمثلِ هذا، لو صحَّ من أبطَل صلاتَهم خلفَه، وهو خلافُ قولِ مالك.


(١) هو ابن عبد المؤمن بن يحيى التُّجيبيّ، وشيخه محمد بن بكر: هو أبو بكر ابن داسة التمّار، راوي سنن أبي داود.
(٢) في سننه (٦٠).
(٣) في المسند ١٣/ ٤٤٢ (٨٠٧٨) و ١٣/ ٥٣٢ (٨٢٢٢).
وهو في مصنِّف عبد الرزاق ١/ ١٣٩ (٥٣٠)، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٣٥) و (٦٩٥٤)، ومسلم (٢٢٥) (٢٥)، والترمذي (٧٦).
(٤) سيأتي في أثناء شرح الحديث الخامس له، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>