للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَدَعُ (١) أحيانًا، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نُهيتُ عن قتلِ المُصلِّينَ، إنَّهُ من يَشْهَد أن لا إلهَ إلّا اللهُ، مُخلِصًا بها، يمُوتُ على ذلكَ، حرَّمُهُ اللهُ على النّارِ" (٢).

قال سعيدٌ: قال قتادةُ: قال النَّضرُ بن أنسٍ: أمَرَنا أبونا أن نَكتُب هذا الحديثَ، وما أمرنا أن نكتُبَ حديثًا غيرَهُ، وقال: احفظُوهُ يا بَنِيَّ.

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: إباحَةُ المُناجاةِ والتَّسارِّ مع الواحِدِ دُونَ الجماعةِ، وإنَّما المكرُوهُ أن يَتَناجَى الاثنانِ فما فوقَهُما دُون الواحِدِ، فإنَّ ذلك يُحزِنُهُ، وأمّا (٣) مُشاجاةُ الاثننِ دُون الجماعةِ، فلا بأسَ بذلك، بدليلِ هذا الحديثِ وغيِرهِ.

ويُحتملُ أن يُستدلَّ بهذا الحديثِ، على أنَّ الرَّجُل الرَّئيسَ، المُحتاجَ إلى رأيِهِ ونفعِهِ، جائزٌ أن يُناجيَهُ كلُّ من جاءهُ في حاجتِهِ، لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتَعينُوا على حوائجِكُم بالكِتمانِ" (٤).

وفيه: أنَّهُ جائزٌ للرَّجُلِ أن يُظهِر الحديث الذي يُناجيهِ بهِ صاحِبُهُ، إذا لم يكُنْ في ذلك ضَررٌ على المُناجي، أو كان مِمّا يحتاجُ أهلُ المجلِسِ إلى عِلمِهِ.

وفيه: أنَّ من أظهرَ الشَّهادةَ، بأنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسُولُ الله، حَقَنَتْ دمَهُ، إلّا أن يأتِيَ ما يُوجِبُ إراقتهُ، مِمّا فُرِضَ عليهِ من الحقِّ، المُبيح لقتلِ النَّفسِ المُحرَّمةِ.


(١) في م: "يلبي".
(٢) أخرجه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٩٦١)، والطبراني في الكبير ١٨/ ٢٦ (٤٤)، وأبو عبد الله المقدسي في الأحاديث المختارة (٢٧٠١) من طريق عامر بن يساف، به.
(٣) في ض، م: "أن".
(٤) أخرجه الطبراني في الصغير (١١٨٦)، والعقيلي في الضعفاء ٢/ ١٠٨، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٢١٥ من طريق سعيد بن سلام العطار، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل، به. وسعيد بن سلام متهم بوضع الحديث. وذكره العجلوني في كشف الخفاء (٣٤٢)، والسخاوي في المقاصد الحسنة، ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>