للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أليسَ يُصلِّي؟ "، بعد قولِهِ: "أليسَ يشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ؟ " دليلٌ على أنَّ الصَّلاةَ من الإيمانِ، وأنَّهُ لا إيمانَ لمن لا صَلاةَ لهُ.

وفي قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أُولئكَ الذينَ نَهاني اللهُ عنهُم" دليلٌ على أنَّ من لا يشهَدُ (١) أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسُولُ الله، فلم ينهَه اللهُ عن قتلِهِ.

وكذلك قولُهُ: "أليسَ يُصلِّي؟ " دليلٌ على أنَّهُ لا يجُوزُ قتلُ من صلَّى، وإذا لم يجُز قتلُ من صلَّى، جازَ قتلُ من لم يُصلِّ.

وقد تقدَّم القولُ في تارِكِ الصلاةِ، في بابِ زيدِ بن أسلمَ، عن بُسرِ بن مِحْجَنٍ فأغْنَى عن إعادتِهِ.

وفي قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُولئك الذينَ نهاني اللهُ عنهُم" ردٌّ لقولِ صاحِبِهِ القائلِ لهُ: بلى، ولا صلاةَ لهُ، بلى ولا شهادَةَ لهُ؛ لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثبتَ لهُ الشَّهادةَ والصَّلاةَ، ثُمَّ أخبرَ أنَّ الله نهاهُ عن قَتْلِهم، يعني: عن قتلِ من أقرَّ ظاهرًا، وصلَّى ظاهِرًا.

وأمّا قولُنا: إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثبتَ لهُ الشَّهادَةَ والصَّلاةَ، فموجودٌ (٢) من حديثِ مالكٍ، عن ابن شهاب، عن محمُودِ بن الرَّبيع (٣)، ونحنُ نذكُرُهُ وغيرَهُ في هذا الباب إن شاء اللهُ تعالى.

وسُئلَ مالكٌ رحِمهُ اللهُ، عن الزَّنْدقةِ، فقال: ما كان عليهِ المُنافِقُون على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من إظْهارِ الإيمانِ، وكِتْمانِ الكُفرِ، هُو الزَّندقةُ عِندنا اليومَ. قيل: فلِمَ يُقتَلُ الزِّنديقُ، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتُلِ المُنافِقينَ، وقد عرَفهُم؟ فقال: إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لو قتَلهُ بعِلمِهِ فيهِم، وهُم يُظهِرُون الإيمانَ، لكانَ ذريعَةً إلى


(١) في ض، م: "شهد".
(٢) في ض، م: "فمأخوذ".
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٤٤ (٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>