للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقولَ النّاسُ: يقتُلُهُم للضَّغائنِ، أو لما شاء اللهُ غير ذلك، فيمتَنِعَ النّاسُ من الدُّخُولِ في الإسلامِ (١). هذا معنى قولِهِ.

وقد رُوِيَ عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ عُوتِبَ في المُنافِقين، فقال: "يتَحدَّثُ النّاسُ أنِّي أقتُلُ أصحابي" (٢).

وقدِ احتجَّ عبدُ الملكِ بن الماجِشُونِ في قتلِ الزِّنديقِ بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: ٦٠ - ٦١]. يقولُ: إنَّ الشَّأنَ فيهم أن يُقتَّلُوا تَقْتيلًا حيثُ وُجِدُوا، ولم يذكُرِ اسْتِتابةً، فمن لم يَنْتهِ عمّا كانَ عليهِ المُنافِقُونَ، في زَمنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قُتِلَ، حيثُ وُجِدَ، واللّهُ أعلمُ.

قال أبو عُمر: مالكٌ وأصحابُهُ كلُّهُم إلّا ابنَ نافِع، يجعلُون مالَ الزِّنديقِ إذا قَتلوهُ لورثتِهِ المُسلِمينَ (٣)، وهُم لا يقتُلُونهُ لفَسادٍ في الأرض، كالمُحارِبِ، وأهلِ البِدَع، ولا يقتُلُونهُ حدًّا، وإنَّما يقتُلُونهُ على الكُفرِ، فكيفَ يرِثُهُ المُسلِمُونَ، وقد قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرِثُ المُسلِمُ الكافِر"؟ (٤).


(١) انظر: البيان والتحصيل ١٦/ ٤٤٣ - ٤٤٤، والاستذكار ٢/ ٣٥٧ (ط. العلمية)، وفتح الباري للحافظ ابن حجر ١٢/ ٢٧١.
(٢) أخرجه الطيالسي (١٧٠٨)، وعبد الرزاق في المصنَّف (١٨٠٤١)، والحميدي (١٢٣٩)، وأحمد في مسنده ٢٣/ ٣٨٨ (١٥٢٢٣)، والبخاري (٣٥١٨، ٤٩٠٥، ٤٩٠٧)، ومسلم (٢٥٨٤) (٦٣)، والترمذي (٣٣١٥)، والنسائي في الكبرى ٨/ ١٣٦، ١٠٣٠٤ (٨٨١٢، ١١٥٣٥)، وأبو يعلى ٢/ ٣٧٣ (١٩٥٧)، وابن حبان (٥٩٩٠، ٦٥٨٢) من حديث جابر. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٢٦٣ - ٢٦٤ (٢٧٦٩).
(٣) انظر: البيان والتحصيل ١٦/ ٤٤٣، والاستذكار ٢/ ٣٥٨.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢١ (١٤٧٥) من حديث أسامة بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>