للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليلَهُ على مُخالفةِ رُتْبةِ الصَّلاةِ اتِّباعُ إمامِهِ، وجازَ لهُ في (١) اتِّباعِهِ، ما لو فعله عامِدًا وهُو وحدَهُ، فسَدَتْ صلاتُهُ، أو فعَلهُ ساهيًا لم تُجزئه.

وكان دليلَهُ على ذلك كلِّهِ، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما جُعِل الإمامُ ليُؤتمَّ بهِ"، معَ إجماع العُلماءِ - وخُصَّ بهذا الدَّليلِ تلكَ الجُملُ العِظامُ، والأُصُول الجِسامُ، فغيرُ نكيرٍ أن يكونَ تركُ انصرافِهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى الجَلْسةِ الوُسْطَى، دليلًا على أنَّهُ خصَّها من بينِ سائرِ (٢) فرائضِ الصَّلاةِ بحُكم تُجبَرُ فيه بسجدَتي السَّهوِ، من بينِ سائرِ الفرائضِ في الصَّلاةِ، و في مع ذلك فرضٌ كسائرِ حَرَكاتِ البَدَنِ، إذ ليسَ من حركاتِ البَدنِ في الصَّلاةِ شيءٌ غير فرضٍ.

قالوا: فالجَلْسةُ الوُسْطَى أصلٌ في نفسها، لا يُقاسُ عليها غيرُها؛ لأنَّها مخصُوصةٌ.

وقد قال إسماعيلُ بن إسحاقَ في كتابِ "أحكام القُرآنِ"، في بابِ قولِهِ عزَّ وجلَّ: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٣) الآيةَ [الأعراف: ٣١] بعد كلام كثير يَحتجُّ فيه على من جعلَ السُّترةَ من فرائضِ الصَّلاةِ، قال: وهذا مِمّا يُبيِّنُ لكَ أنَّ لُبسَ الثَّوبِ ليسَ من فرائضِ الصَّلاةِ؛ لأنَّ المُفتَرضَ في الصَّلاةِ حركاتُ البدنِ، من حينِ يدخُلُ في الصَّلاةِ، إلى أن يخرُجَ منها، في تكبيرٍ، أو قِراءةٍ، أو رُكُوع، أو سُجُودٍ، ولُبسُ الثَّوبِ إنَّما يكونُ قبلَ أن يدخُلَ في الصَّلاةِ، ثُمَّ يَبْقَى في الصَّلاةِ، كما كان قبلَ أن يدخُلَ، وإنَّما هُو زينةٌ للإنسانِ، وسِترٌ لهُ في الصَّلاةِ وغيرِها. قال: ولو كان الثَّوبُ من فَرْضِ (٤) الصلاةِ، لوجَبَ على


(١) في ر ١: "فيه".
(٢) سقطت من م.
(٣) قوله: {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} لم يرد في ر ١.
(٤) في م: "فروض".

<<  <  ج: ص:  >  >>