للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلُ وقد جلَسَ في آخِرِ صلاتِهِ قبلَ أن يُسلِّمَ، فقد تمَّتْ صلاتُهُ". هكذا رواهُ ابنُ المُباركِ عن الإفريقيِّ (١).

والقولُ الرّابعُ: أنَّ الجُلُوسَ والتَّشهُّدَ واجِبانِ، وليسَ السَّلامُ بواجِبٍ. قالهُ جماعةٌ، منهُم: إسحاقُ بن راهُويةِ (٢)، واحتجَّ بحديثِ ابن مسعُودٍ، حين علَّمهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التَّشهُّدَ، وقال: "إذا فرَغتَ من هذا، فقد تمَّتْ صلاتُكَ، وقَضَيتَ ما عليكَ" (٣).

والقولُ الخامسُ: أنْ ليسَ الجُلُوسُ منها، ولا التَّشهُّدُ، ولا السَّلامُ بواجِبٍ، إنَّما ذلك كلُّهُ سُنَّةٌ مسنُونةٌ. هذا قولُ بعضِ البصريين، وإليهِ ذهَبَ ابنُ عُليَّة، وصرَّحَ بقياسِ الجَلْسةِ الأخيرةِ على الأُولى، فخالَفَ الجُمهُور وشذَّ، إلّا أنَّهُ يرَى الإعادةَ على من تركَ شيئًا من ذلك كلِّهِ (٤). واحتجَّ برِوايةِ من رَوَى، في حديثِ الإفريقيِّ المذكُور: "إذا رفعَ رأسهُ فأحدَثَ، فقد تمَّتْ صلاتُهُ" (٥). ولم يذكُر جُلُوسًا، وهذا حديثٌ لا يصِحّ، لضعفِ سندِهِ، واختِلافِهِم في لفظِهِ، وبالله التَّوفيقُ.

وقد ذكرنا اختلافَ العُلماءِ في كيفيَّةِ السَّلام ووُجُوبِهِ، في بابِ ابن شِهابٍ عن أبي بكر بن أبي حَثْمةَ.


(١) أخرجه الترمذي (٤٠٨) من طريق ابن المبارك، به. والحديث سلف تخريجه في هذا الباب.
(٢) انظر: الترمذي بإثر الحديث (٤٠٨)، والاستذكار ١/ ٥٢٨.
(٣) أخرجه الطيالسي (٢٧٥)، وأحمد ٧/ ١٠٨ - ١٠٩ (٤٠٠٦)، والدارمي ١/ ٣٥٥ (١٣٤١)، وأبو داود (٩٧٠)، وابن حبان ٥/ ٢٩١ (١٩٦١)، والدارقطني في سننه ١/ ٣٥٣ من طريق القاسم بن مخيمرة، عن علقمة، عن ابن مسعود، بتمامه باللفظ المذكور. وحديث التشهد هذا أخرجه البخاري (٨٣١، ٨٣٥)، ومسلم (٤٠٢) وغيرهما من طرق عن ابن مسعود. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٥٣٤ - ٥٤٢ (٩٠٣٣، ٩٠٣٤، ٩٠٣٥، ٩٠٣٦).
(٤) انظر: الاستذكار ١/ ٥٢٨.
(٥) أخرجه الطيالسي (٢٣٦٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٧٥، والدارقطني في سننه ١/ ٣٧٩، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٣٩، من طريق الإفريقي، به، باللفظ المذكور. على أن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعيف، لا يحتج بمثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>