للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بئرُهُ (١) أن يَسْقيَ نخلَهُ وزَرْعَهُ ببِئرِ جارِهِ، حتَّى يُصلِحَ بئرَهُ. وهذا أبعدُ من غَرْزِ الخَشَبةِ في جِدارِ الجارِ، إذا لم يكُن ضَررٌ بالجِدارِ، إلّا أن يخاف عليهِ أن يُوهِنَ الجِدار، ويضُرَّ بهِ، لم يُجْبَر صاحِبُ الجِدارِ، وقيل: لصاحِبِ الخشبِ: احْتَلْ لخشبِكَ.

ومثلُهُ حديثُ ربيع عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ، في حائطِ المازِنيِّ (٢). قال: والرَّبيعُ: السّاقيةُ، فأرادَ عبدُ الرَّحمنِ بن عوفٍ أن يُحوِّلهُ إلى موضِع من الحائطِ، هُو أقربُ إلى أرضِهِ، فمَنَعهُ صاحِبُ الحائطِ، فقَضى عُمرُ لعبدِ الرَّحمنِ بتحويلِهِ.

قال: وهذا أيضًا يُجبَرُ عليهِ بالقضاءِ، من أجلِ أنَّ مَجْرى ذلك الرَّبيع كان ثابتًا في الحائطِ لعبدِ الرَّحمنِ، وقدِ اسْتَحقَّهُ، فأرادَ تحويلَهُ إلى ناحيةٍ أُخرى، هي أقرَبُ عليه، وأرْفَقُ بصاحِبِ الحائطِ.

قال: وأمّا الحديثُ الثّالِثُ في قِصةِ الضَّحّاكِ بن خليفة، مع محمدِ بن مَسْلَمةَ (٣)، فلم أجِد أحدًا من أصحابِ مالكٍ وغيرهِ يرى أن يكون ذلك لازِمًا في الحُكم لأحدٍ على أحَدٍ، قال: وإنَّما كان ذلك تشديدًا على محمدِ بن مَسْلَمةَ، ولا ينبغي أن يكون أحدٌ أحقَّ بمالِ أخيهِ منهُ إلّا برِضاهُ. قال: وليسَ مِثل هذا حُكْمَ عُمر في ربيع عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ، لأنَّ هذا لم يكُن لهُ في حائطِ محمدِ بن مَسْلَمةَ طريقٌ ولا ربيعٌ، قال: وهذا أحسنُ ما سمِعتُ فيهِ (٤).

قال أبو عُمر: هذا كلُّهُ كلامُ ابن حبيبٍ، والخطأُ فيه والتَّناقُضُ أوضَحُ من أن يحتاجَ إلى الكلام عليه، وبالله التَّوفيقُ.


(١) في م: "تغورت بيده"، وهو تحريف بيّن.
(٢) أخرجه مالك أيضًا في الوطأ ٢/ ٢٩١ (٢١٧٤).
(٣) أخرجه مالك أيضًا في الموطأ ٢/ ٢٩١ (٢١٧٣).
(٤) قوله: "سمعت فيه" في ر ١: "سمعته".

<<  <  ج: ص:  >  >>